عقوبات على مستوطنين.. أم تحذيرات من انفلات “الدولة”؟!
عقوبات على مستوطنين.. أم تحذيرات من انفلات “الدولة”؟!
شعاع نيوز – الكاتب: موفق مطر – العقوبات الكندية والأميركية وأحدثها البريطانية على مستعمرين ارهابيين اسرائيليين، يقيمون في مستوطنات يهودية في الضفة الفلسطينية المحتلة، ستبقى بدون تأثير مباشر على سياسة حكومة الصهيونية الدينية الحالية، أو أي حكومة قادمة، ما لم تشمل منظومة دولة الاحتلال عموما، وحكومتها الحالية خصوصا، وتستهدف وزراء يشهرون تحديهم للقانون الدولي، واحتقارهم لقرارات الشرعية الدولية، فواشنطن ولندن لديهما من المعلومات ما يكفي لتأكيد ضلوع (بن غفير وسموتريتش) بجريمة الحرب هذه (الاستيطان) لأنهما يقدمان مستلزمات جريمتي الحرب والإرهاب وفق خطط وقرارات تعتمدها الحكومة، ويقرها الكنيست الاسرائيلي في مشاريع قوانين الموازنة العامة بأغلبية اصوات أحزاب الصهيونية الدينية والسياسية المتطرفة ايضا… فهذه العقوبات الرسمية – رغم اهميتها – لم تتجاوز اسماء بضعة مستوطنين في كل حالة، ولم تؤخذ اجراءات قانونية بحق أدمغة هذا الارهاب ومموليه، ومزوديه بالسلاح، والحكومة الاسرائيلية التي تمنح جماعاته وتنظيماته اليهودية المتطرفة الأرض والغطاء الأمني والسياسي، وأبعد من ذلك يتولى (بن غفير) وهو المرجع والراعي العلني الأكبر لإرهاب المستوطنين منصب ما يسمى: وزير الأمن القومي في حكومة نتنياهو، ومعه وزير المالية (سموتريتش) العامل على توفير الامكانيات المالية لتوسيع دائرة جريمة الحرب (الاستيطان) بحق الشعب الفلسطيني.
العقوبات على مستوطنين قد تكون تحذيرا لورثة المشروع الاستيطاني الاحتلالي الاستعماري الحاليين والقادمين، بأن تفكك المشروع (دولة اسرائيل) وضعفها من الداخل سيبدأ بانفلات داخلي، بصورة جماعات وتنظيمات وأحزاب مسلحة، موازية للمؤسسة الأمنية والعسكرية الرسمية، تنفذ خططها الخاصة، التي قد تتعارض او تعطل، او تعرقل، أو تسيء علاقة الدولة الاستراتيجية مع حلفائها، ويمكننا ملاحظة استجابة الجيش وهو العمود الفقري (لإسرائيل) لهذا التحذير، عندما نشر صورا عن مناورة لقوة من الجيش تحاكي عملية منع مستوطنين من اختطاف مواطنين فلسطينيين، الأمر الذي اثار ضجة في اوساط المجتمع السياسي الاسرائيلي، أرغمت الجيش على التوضيح والاعتذار عن وضع عبارة (العدو) على سترة خاصة في اشارة الى المستوطنين المفترضين في المناورة.
قد تكون العقوبات تمهيدا لأخرى أشد وأوسع على المستوطنين، في اطار تأكيد مواقف هذه الدول من قضية الأرض الفلسطينية المحتلة منذ الخامس من حزيران 1967، باعتبارها ارضا محتلة حسب قرارات الشرعية الدولية، وهذا امر ايجابي يمكن البناء عليه، والعمل على توسعته ليشمل كل ما يتعلق بالاستيطان الباطل واللامشروع اصلا حسب نصوص القانون الدولي، وقد تكون ثقلا بمستوى محدد قابل للتطوير والزيادة للضغط على حكومة الصهيونية الدينية الحاكمة اليوم، في اطار موقف أميركي وأوروبي من بن غفير وسموتريتش المنسجم مع قوى وأحزاب اسرائيلية معارضة وتتمتع بوزن مهم في الكنيست، وتشير الاستطلاعات خلال الشهور الثلاثة الماضية الى تفوقها على ائتلاف الليكود وأحزاب الصهيونية الدينية الحاكم، وهذا ايضا أمر جيد، ما دام سيؤدي الى اضعاف وإسقاط حكومة اعلنت صراحة رفضها قيام دولة فلسطينية، وتعمل وفق خطة مرسومة على اضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية، وتدمير اركانها الأمنية والاقتصادية والمالية عبر قرصنة (اموال المقاصة) بالتوازي مع استيلاء المستوطنين على الأراضي العامة والخاصة ايضا، لتعطيل مبدأ التواصل الجغرافي لأرض ومواطني دولة فلسطينية مستقلة.
اقرأ|ي أيضاً| “الخارجية”: تصعيد جرائم المستعمرين تحدٍ للقانون الدولي
نقرأ العقوبات كرسائل تحذيرية لمنظومة الاحتلال الاستعمارية الصهيونية العنصرية، مفادها أن هذه الدول الأكثر مساندة (لاسرائيل) لا يمكنها الاستمرار بتغطية ارهاب الدولة الذي اصبح سمة مميزة لحكومة الصهيونية الدينية الحاكمة بقيادة الليكود، حيث تستخدم المستوطنين كأدوات، لاستكمال أدوار جيشها وفروعه الأمنية في مهمة ارهاب المواطنين الفلسطينيين واجبارهم على هجر أراضيهم وبيوتهم تحت ضغط ارهاب مسلح وسفك دماء مرفوق يحق وصفها بالهمجية، كاحراق البيوت، وإحراق عائلات بداخلها!…
الأهم في خضم كل هذا، استمرار نضالنا الشعبي السلمي والميداني والقانوني، المحسوب والمدروس المسير بعقلية وطنية، لإقناع شعوب وحكومات العالم بأن الاستيطان جريمة حرب، والوجه الآخر للاحتلال، وإرهاب الدولة، وتكثيف العقوبات الدولية على نظام الصهيونية الدينية العنصرية، حتى يلقى مصير نظام جنوب افريقيا العنصري البائد.