منظمة التحرير الفلسطينية لحظر مهنة “التسول السياسي”

شعاع نيوز – الكاتب: موفق مطر – كانت منظمة التحرير الفلسطينية وما زالت وستبقى مشروع وطن معنوي ثائر، وتعبير محسوس عن إرادة الشعب الفلسطيني، لتحرير قراره الوطني، وتقرير مصيره، وتحديد مستقبله، وهو بكامل وعيه الفردي والجمعي، ونضوجه السياسي، وإلغاء كل أشكال الوصاية عليه وعلى أرض وطنه فلسطين، كمتطلبات إستراتيجية لمواجهة مشروع استعماري دولي صهيوني، استيطاني عنصري، وبالتوازي كانت وما زالت بمثابة الباعث المجدد لروح الهوية الوطنية الفلسطينية، وبناء الشخصية الفلسطينية بسماتها الحضارية، وجذورها العربية الإنسانية، ومن هنا يمكننا إدراك أهداف هجمات الاحتواء، والسيطرة على ورقة القرار الفلسطيني المغتصبة، المتواكبة مع حملات منظومة الاحتلال الصهيونية الدينية والسياسية الاستعمارية العنصرية (إسرائيل) المنهجية والمبرمجة، لإنكار وجود الشعب الفلسطيني، وأرض وطن لهذا الشعب منذ الأزل، وتعاقبت عليها الحضارات، عرفت تاريخيا وستبقى معروفة للأبد باسم فلسطين.

لم تكن منظمة التحرير حزبا، أو تنظيما، وإنما وطن مركز، مستخلص من الوعي، والانتماء النقي، انطلقت كثورة بمعنى التغيير الجذري لواقع النكبة واللجوء، لكنها هادئة ومتأنية وعقلانية رغم بيئة الرمال المتحركة المحيطة بالحق الفلسطيني، فمنظمة التحرير الفلسطينية نسخة مصغرة عن الكون، حيث تنتظم مسارات الكواكب الفلسطينية الفكرية والسياسية والاجتماعية، في مداراتها حول شمس الشخصية الوطنية الفلسطينية وكينونتها، الكل في حركة، التقدم والارتقاء طبيعتها وقانونها، منسجمة مع حركة الإنسان العربي المتحرر المتقدم، المنتظم والمتوازن بقوة جاذبية القيم الحضارية والعصرية، والثقافة الإنسانية التنويرية، أما الإنسان الفلسطيني فهو مصدر الطاقة الخلاقة اللانهائية وبلا حدود، المستمدة من أرض وطنه المقدسة.


اقرأ|ي أيضاً| سرقة مزدوجة للدولة الفلسطينية!


كانت منظمة التحرير الفلسطينية، لمنع ظاهرة “مهنة التسول السياسي” ولرفض تحويل فلسطين والحق الفلسطيني، إلى مادة استثمارية ربحية لوكالات سياسية، أنشئت وقيدت بسلاسل وأقفال الجغرافيا!.. فالمنظمة انتصرت لقيمة الإنسان الفلسطيني وكرامته، وروحه المقدسة، وأوقفت نزيف قدراته الإبداعية في كل مناحي الحياة، وحررته من الخضوع والاستسلام لأوامر الموت، في سبل وطرق لا تؤدي لفلسطين! فكانت إعجازا أعاد الاستقرار والتوازن لشخصية الفلسطيني المتضررة من مآسي النكبة الأولى ومعاناة اللجوء، وعاد ليشق دروب العودة بالوسائل المشروعة في الشرائع والقوانين الإنسانية بدون استثناء، فالتسليم/ والاستسلام للواقع ليس من شيم الكرام الشجعان أصحاب الحق، وعلى هذا المبدأ كانت منظمة التحرير، فالحق يُنتَزَع، بقوة حكمة وعقل وفكر وعزيمة وسواعد صاحبه.. فالفلسطينيون كلهم أعضاء طبيعيون في المنظمة، أي أنهم شعب هذا الوطن المعنوي، شركاء في القرار، وصياغة الرؤية للمستقبل (الدولة) على قاعدة الحرية والاستقلال والسيادة، والنقد البناء ولصالح ترجيح المصالح العليا للشعب، وتقديس الحق بالحياة والحرية والعدل والمساواة في كنف ثقافة السلام.

منظمة التحرير الفلسطينية ولدت في سن الوعي والمسؤولية، وبتمام الصحة العقلانية، دون المرور بمراحل الطفولة العبثية والمراهقة السياسية، لذلك استطاعت تفكيك عقد معقدة ومتشابكة كبلت الشعب الفلسطيني قبل وبعد النكبة، وتحصين الشعب بالوحدة الوطنية، حتى خسر البدلاء ماء وجههم، وانهزموا خاسرين، فشعب يحمي وطنه المعنوي كما يحمي مقدساته، لا يقبل تسليم مصيره وقراره المستقل، لأتباع قوى ودول لا ترى فلسطين إلا أداة لتوسيع رقعة نفوذها، وإنما سيبقى أمانة بيد من أقسم على الإخلاص لفلسطين، وعمل فعلا على تحريرها، فمن أجل هذا الهدف كانت وستبقى منظمة التحرير الفلسطينية.

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى