سؤال إعادة إعمار غزة ومنع ضم الضفة

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – إلى جانب أن إعادة إعمار غزة يتطلب عشرات المليارات، والحصول عليها لن يكون سهلا، وإلى جانب أن لا مال ولا أي شيء، يعوض عشرات آلاف من الخسائر البشرية والجرحى والمعاقين الذين خلفتهم الحرب الحالية وخمسة حروب سبقتها، إلى جانب كل ذاك لا بد من وجود اتفاق وطني مفصل يضمن ألا يدمر قطاع غزة مرة أخرى، وألا يبقى القطاع مفصولا عن الضفة، وأن تكون هناك سلطة فلسطينية واحدة وقرار وطني واحد، وسلاح واحد وقانون واحد. وبعد التأكيد على هذه الثوابت، يمكن الاتفاق على شكل العلاقات الوطنية وطبيعة الحكومة وموعد الانتخابات العامة.

وفي الضفة هناك ضرورة وبهدف مواجهة مخطط الضم الذي تنفذه الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، لا بد من الاتفاق على شكل المقاومة، وبعد الاتفاق لا يجوز لأي فصيل أو مجموعة أن تقرر منفردة، أو أن تمارس أي شكل من المقاومة خارج ما هو متفق عليه، وأن يضع الجميع إستراتيجية وخططا لمقاومة شعبية ترهق الاحتلال ولا تستنفذنا نحن، أو يدمر اقتصادنا، وتتقهقر قطاعات التعليم والصحة وغيرها.

لا يمكن إعادة إعمار القطاع وحتى الضفة. كما لن توافق الأطراف على تمويل أي عملية إعمار من دون أن تلاحظ اتفاقا فلسطينيا وطنيا في ظل الشرعية الوطنية الفلسطينية، وأن يشمل أي اتفاق وطني كل ما ذكر سابقا. فمع بقاء الانقسام أو استمراره بأشكال أخرى لن يكون هناك إعمار وتطول معاناة المواطنين، وقد يدفعهم ذلك للهجرة الطوعية هذه المرة، فمن الذي سيتحمل مسؤولية كل ذلك؟

وفي الحالة الوطنية، ومن أجل الخروج من حالة الدمار واليأس لا بد من أخذ المبادئ الاساسية بالاعتبار:

اولا: لا يمكن، أو يجب ألا يقبل أي طرف أن تكون الترتيبات خارج إطار السلطة الشرعية للشعب الفلسطيني، فأي ترتيب بالضرورة أن يتم داخل هذه الشرعية، والشرعية تعطي منظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الوطنية الفلسطينية وما يتبعها من مؤسسات تشريعية وتنفيذية وقضائية.

ثانية: الترتيبات يجب أن تضمن وجود جميع الفصائل الفلسطينية داخل المنظمة في إطار اتفاق يستند إلى ما أشير إليه في الفقرة الأولى بالإضافة إلى الاتفاق على أن قرارات الشرعية الدولية هي مرجعية أي عملية سلام مع إسرائيل، والقبول بمبدأ حل الدولتين.

ثالثا: الاتفاق على طبيعة الحكومة التي ستتولى المسؤولية. حكومة فنية يتم التفاهم على كيفية تأليفها.

رابعا: التحالفات والسياسة الخارجية هي من اختصاص منظمة التحرير الفلسطينية وحكومتها، والمهم الاتفاق على صيانة القرار الوطني الفلسطيني المستقل ومنع خطفه لمصلحة أي أجندة خارجية.

خامسا: الإعلان عن موعد عملي للانتخابات في مدة لا تزيد عن عامين.


اقرأ\ أيضاً| خلفيات تنازل حماس وتشدد نتنياهو


نقرأ ونسمع الكثر من التحليلات والسيناريوهات، في سياق ترتيبات اليوم التالي للحرب، سواء كانت روابط عشائرية أو قوى أجنبية، أو اقتراح إنشاء جسم وطني جديد، كل هذه الاقتراحات إما أنها مرفوضة وطنيا تماما، أو أنها غير عملية في وقت نحن بحاجة فيه إلى السرعة في التحرك واتخاء القرارات، هناك اتفاقات وطنية موجودة ممكن تطويرها، وعلى أي حال لن يكون عمليا الآن إيجاد جسم فلسطيني جديد، ومثل هذا الاقتراح يمكن التعامل معه بعد الانتخابات. فالأولوية اليوم لاتفاق وطني يضمن إعادة إعمار غزة ومنع ضم الضفة، ويضمن وحدة الإقليم الجغرافي للدولة الفلسطينية، وأن يكون موحدا في ظل سلطة واحدة وله قرار سياسي واحد، وقانون وسلاح واحد.

كل ما أصاب الشعب الفلسطيني من مصائب في العقدين الأخيرين إنما نجم عن الانقسام، ولا خلاص للشعب الفلسطيني إلا بتخليصه من واقع الانقسام المشار إليه، وأي عملية تلفيق أو عملية لا تنهي الانقسام وكافة تداعياته لن تخلف سوى مزيد من التدهور في الواقع الفلسطيني، في ظل استمرار الانقسام لن تكون هناك عملية إعمار وستواصل الحكومة الإسرائيلية تنفيذ مخطط الضم، ونكون قد ساهمنا بأيدينا في تصفية قضيتنا الوطنية.

كما أن أي تأخير بإنجاز هذا الاتفاق الوطني ستستفيد منه حكومة اليمين الإسرائيلي، وغيرها من القوى الإقليمية، وربما علينا أن نستفيد من العبر من الذي أصاب الدول العربية التي انخرطت في أتون الحروب الأهلية وماذا حل بها. والمهم ألا تبقى الأطراف الفلسطينية متخندقة خلف فكرة إما أن أحكم أو لا، ما يحتاجه الفلسطينيون في المرحلة الانتقالية أقلها أن يتوصلوا إلى اتفاق مبادئ لعلاقات وطنية تضمن النقاط المشار إليها، واتفاق حول طبيعة الحكومة التي ستشرف على توحيد غزة والضفة وإعادة إعمارها. أما المناورات الفئوية فلن تأخذنا إلا إلى تصفية القضية الفلسطينية.

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى