مقالات

زيارة بايدن وشروط النجاح والفشل

شعاع نيوز / بقلم الكاتب: باسم برهوم – زيارة بايدن وشروط النجاح والفشل

بعد محاولات التهميش المتعددة للقضية الفلسطينية، وحتى محاولات القفز عنها في السنوات الأخيرة، وما رافق ذلك من حصار سياسي ومالي على القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، فإن الرئيس الأميركي جو بايدن خصص محطة رئيسية من رحلته القادمة للشرق الأوسط لفلسطين.

وحسب برنامج الزيارة، فإن بايدن سيلتقي الرئيس محمود عباس في بيت لحم، وسيقوم بزيارة لكنيسة المهد هناك، كما سيتوجه للقدس الشرقية وزيارة مشفى فلسطيني ما يترك الانطباع أن قضية القدس لم يطوِها إعلان ترامب المشؤوم، فالجميع يدرك أن لا سلام يمكن أن يتحقق ويصمد من دون إيجاد حل لمشكلة القدس.

من هنا فإنه لا يمكن النظر لأهمية الزيارة، إلا من زاوية ما كان سائدا قبلها، فواقع القضية الفلسطينية كان صعبا جدا، فإذا حققت الزيارة نوعا من تحريك المياه الراكدة فسيعتبر ذلك خطوة إلى الأمام. صحيح أن أحدا لا يتوقع حدوث معجزات بعد كل الذي أحدثه ترامب من خراب، ولكن تبقى زيارة بايدن لفلسطين بحد ذاتها حدثا مهما بعد أن ساد الاعتقاد أن الولايات المتحدة أغلقت عمليا ملف القضية الفلسطينية.

ليس لدى الفلسطينيين لا أوهام ولا آمال كبيرة من الزيارة، فالهدف الأساسي للرئيس الأميركي في المنطقة، يكمن في عنوانين، الأول هو التأكيد على أهمية حفظ أمن إسرائيل بالنسبة لواشنطن، وأنها ستقف معها في كل لحظة وفي أي ظرف إذا ما تعرضت إلى أي تهديد، وفي سياق ذلك بالطبع هو، أي الرئيس بايدن، يقدم دعمه الخاص للائتلاف الحاكم في إسرائيل بزعامة بينيت.

أما العنوان الثاني فهو الطاقة، النفط والغاز، والذي سيكون محور محطته السعودية والخليجية، أما الناتج النهائي الذي يسعى إليه بايدن ويريد تحقيقه في هذه الزيارة هو إنشاء حلف إقليمي من دول مجلس التعاون الخليجي زائد ثلاثة.

فالأمر الملح هو بالنسبة للولايات المتحدة، وفي ظل التداعيات السياسية والاقتصادية للحرب في أوكرانيا، هو إعادة ترتيب الأوضاع في الشرق الأوسط، وإعادة تحصين النفوذ الأميركي، لضمان أسعار الطاقة لتكون في حدودها المعقولة، ولضمان أمن إسرائيل والدول الحليفة. ولتحقيق تلك الأهداف، لا بد من تبريد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في هذه المرحلة، وأن تبذل الجهود كي لا ينفجر الوضع بين الطرفين ما يعكر المساعي الأميركية لتحقيق أهدافها الاستراتيحية المشار إليها.

وبغض النظر عن الأهداف والنوايا، فإن القضية الفلسطينية، وبالرغم من كل محاولات التهميش، فقد ثبت أنه لا يمكن القفز عنها. من هنا لدى الجانب الفلسطيني فرصة لتحسين شروط الزيارة بما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فمسألة الإعلان أن واشنطن لا تزال تدعم حل الدولتين لا تكفي وحدها، فالمطلوب، خطوات باتجاه الاستيطان والقدس، وبخصوص هذه الأخيرة لا بد من المبادرة لفتح القنصلية الأميركية هناك، أو الإعلان عن تاريخ محدد لافتتاحها أثناء وجود بايدن في المنطقة، بالإضافة إلى إعطاء انطباع أن هناك جهدا يبذل للجم التوحش الإسرائيلي المتزايد الذي يمزق الجسد الفلسطيني، أرضا وإنسانا، فلا يمكن أن يكون أي طرف داعما لحل الدولتين ويغمض عينيه ويصمت تجاه الاستيطان وتهويد القدس.

إن شرط نجاح زيارة بايدن، وفي قدرة تحقيق هذه الزيارة لأهدافها، هو في إعطاء الفلسطينيين بعض الأمل، وإلا فإن أي محاولة لإعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة قد تذهب أدراج الرياح مع أول تصعيد وانفجار كبير في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.. فهل سينجح بايدن في خلق هذه المعادلة؟

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى