مقالات

إسرائيل تؤسرل التعليم

شعاع نيوز / الكاتب: عمر حلمي الغول – إسرائيل تؤسرل التعليم

كان أحد أخطر أسلحة الحركة الصهيونية العنصرية والرجعية وقاعدتها المادية دولة الاستعمار الإسرائيلي في محاربة الشعب الفلسطيني يقوم على الآتي: أولا- نفي وطمس الرواية الفلسطينية، واسقاط التاريخ والتربية الوطنية؛ ثانيا- تعميم الجهل والامية والتخلف والفوضى والفساد في أوساط الشعب الفلسطيني؛ ثالثا- محاربة الثقافة والفن والابداع والتراث العربي الفلسطيني؛ رابعا- تمزيق وحدة النسيج الوطني والاجتماعي والثقافي، وتعميق مبدأ “فرق تسد” الاستعماري لتتمكن الدولة الوظيفية المارقة من استباحة الأرض والشعب والهوية والتاريخ الفلسطيني.

لكن الحركة الصهيونية ودولتها المأجورة غير الشرعية فشلت فشلا ذريعا في تحقيق تلك الأهداف، وان نجحت لحد ما في خلق بؤر فساد انقلابية، او ذات خلفيات دينية ومذهبية، وتمكنت من شراء بعض الذمم والاجراء من العملاء والجواسيس. بيد ان ما حققته على مدار الـ 74 عاما الماضية من عمر النكبة لم يؤثر في وحدة ونسيج الشعب الفلسطيني، ومازال متمسكا بهويته وتاريخه وثقافته وموروثه الحضاري، ورد مؤامرة التزوير الأخطر في التاريخ الى نحور أصحابها الصهاينة، وأسيادهم في دول الغرب الرأسمالي وأدواتهم، وظلت فلسطين تسمى فلسطين، وظل الشعب متجذرا في حاضنته التاريخية وحارسا لروايته الوطنية والقومية.

رغم ما تقدم، فإن حكومات إسرائيل المتعاقبة لم تستسلم امام إرادة الشعب الفلسطيني وشجاعته، بل ما زالت تعمل بكل الوسائل والسبل لإحداث اختراقات جديدة في الوعي الفلسطيني العربي من خلال محاربة الرواية الفلسطينية تحت يافطة “التحريض” وغيرها من وسائل الترهيب وعصا الدعم، ونشر المخدرات والدعارة وغيرها من الافات الضارة بالمجتمع الفلسطيني، ومحاصرة التعليم في الوطن الفلسطيني عموما والقدس العاصمة الابدية خصوصا أولا- من خلال عدم السماح بتوسيع الغرف الصفية في مدارس العاصمة؛ ثانيا- زيادة اعداد التلاميذ والطلاب في تلك الغرف، مما يؤثر على التلقي الإيجابي من المدرسين؛ ثالثا- اغلاق المدارس بذرائع وحجج واهية؛ رابعا- اعتقال المدرسين والتلاميذ والطلاب على حد سواء للتاثير على العملية التدريسية؛ خامسا- اقتحام واستخدام المدارس أحيانا كمواقع عسكرية، ووضع نقاط امنية فيها لحرمان التلاميذ والطلاب من تحصيل علومهم؛ سادسا- عدم السماح ببناء مدارس جديدة نتاج ازدياد اعداد التلاميذ والطلاب؛ سابعا- ليس هذا فحسب، بل سحب تراخيص العديد من المدارس بذريعة تدريسها المنهاج الفلسطيني.

والعامل الأخير لدينا شاهد جديد عليه، تمثل بقيام وزيرة التربية والتعليم الإسرائيلية يفعات شاشا بيتون يوم الخميس الماضي الموافق 28 تموز/ يوليو الحالي بالغاء تراخيص 6 مدارس في القدس العاصمة الفلسطينية وفق الذريعة المذكورة أعلاه، والادعاء ان المنهاج الفلسطيني يحمل في مواده “التحريض على الدولة والجيش الإسرائيلي”. وللعلم فإن المدارس الست تضم اكثر من الفي طالب مقدسي، فضلا عن انها تعتبر من اهم واقدم واعرق المدارس في العاصمة الفلسطينية الأبدية، ومنها المدرسة الابراهيمية في حي الصوانة، ومدارس الايمان بفروعها الخمسة في انحاء زهرة المدائن. ويهدف القرار الصهيوني الجديد الى حرمان المدارس من رخصة العمل الدائمة؛ وتقييد عملها من خلال تقليص زمن الترخيص لمدة سنة دراسية، وهو ما يستنزف إمكانيات وجهد الهيئة التدريسية؛ اضف إلى استخدام هذه الوسيلة الإرهابية كشكل من اشكال الابتزاز ولي الذراع الرخيص؛ ومن زاوية أخرى فرض الرؤية والرواية الصهيونية على الطلاب والتلاميذ الفلسطينيين لا سيما وان الوزارة الإسرائيلية ستعمل على اسقاط هدفها الاستعماري على المنهاج الفلسطيني. وهذا ما لن تقبل به المدارس ولا وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، ولا أي جهة رسمية او أهلية وطنية.

ولهذا سيبرز امام القائمين على المدارس المذكورة تحديات خطيرة: الأول اغلاق المدارس نتيجة عدم الحصول على التراخيص؛ الثاني الاستجابة لاملاءات وزارة التربية والتعليم الصهيونية لجهة حذف المواد المتعلقة بالتربية الوطنية والتاريخ؛ والثالث ادخال وادماج المنهاج الإسرائيلي في المنهاج الفلسطيني، مما سيؤثر بشكل تعسفي وارهابي على وعي التلاميذ والطلاب الفلسطينيين.

مع ذلك اجزم، ان خطة الترهيب والمؤامرة الصهيونية الجديدة على المنهاج الفلسطيني لن تنجح، وستفشل أولا كما ذكرت كافة الجهات الرسمية والأهلية سترفض القرار الإسرائيلي وتتحداه؛ ثانيا أبناء الشعب الفلسطيني عموما وفي القدس خصوصا وفعالياتهم السياسية والاجتماعية والأكاديمية والثقافية والدينية وفي المقدمة أولياء أمور الطلاب سيقفون جميعا صفا واحدا خلف القائمين على المدارس، ويتصدون للقرار الإسرائيلي الاجرامي؛ ثالثا التوجه للمنظمات العربية والإقليمية والدولية وخاصة منظمة اليونيسكو والايسيسكو ومنظمة حقوق الانسان والأمم المتحدة وحتى لمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية لوقف المجزرة الإسرائيلية الجديدة ضد التعليم في العاصمة الفلسطينية؛ رابعا التوجه أيضا للمنظمات الحقوقية وانصار السلام الإسرائيليين لممارسة الضغوط على حكومة التغيير لوقف جريمتها الجديدة القديمة. وبالضرورة ستتطور الأساليب الكفاحية في ميدان المواجهة للدفاع عن التعليم والثقافة الوطنية عموما والمنهاج الوطني خصوصا لحراسة الرواية الفلسطينية، والدفاع عنها، وعدم السماح بادماجها مع الرواية الكاذبة والمزورة الصهيونية مهما كلف الثمن.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى