مقالات

إسرائيل تتوغل في الأبرتهايد

الكاتب: رمزي عودة/ شعاع نيوز: يتحول المجتمع الإسرائيلي بسرعة نحو اليمين المتطرف الاستيطاني العنصري، وقد وجد استطلاع للرأي نفذه “معهد دراسات الشعب اليهودي”، بأن اليهود الإسرائيليين غير متفائلين بالشراكة مع العرب، وبأنهم أصبحوا أكثر تطرفاً مما كانوا عليه قبل أربع سنوات وبنسبة متصاعدة. ويبدو أن هذه العنصرية المتصاعدة تنعكس بجدية في قرارات الحكومة والمحاكم الإسرائيلية. فقد قررت الحكومة الإسرائيلية الأسبوع الماضي دفع تعويضات للمدن المختلطة في أحداث أيار العام الماضي بينما رفضت تعويض البلدات العربية. من جانب آخر، فقد عمدت السلطة القائمة بالاحتلال إلى شرعنة سياسة الأبرتهايد. وهو ما نجده جليا في قرار ما يسمى المحكمة العليا الإسرائيلية التي صادقت مؤخراً على بقاء البؤرة الاستيطانية “متسبيه كراميم” على أراضٍ فلسطينية، بحجة أن الأرض خصصت “بحسن نية” للمستوطنين الذين لم يعرفوا أنها ملك سكان قرية مجاورة!؛ وهو القرار الذي يمكن استخدامه كسابقة قانونية لتبرير الاستيلاء على آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية ذات الملكية الخاصة بهدف إنشاء مستوطنات عليها. هذه القرارات لم تمنح الشرعية فقط للاستيطان، وإنما أدت إلى تشجيع الحركة الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة. وما تدفق آلاف المتطرفين الإسرائيليين اليمينيين نحو الضفة الغربية يوم الأربعاء الماضي في محاولة لإنشاء ستة مواقع استيطانية جديدة غير قانونية في المنطقة، إلا دليل واضح على هذا التشجيع.

يبدو واضحاً أن دولة الاحتلال تعتمد على الاستيطان كأداة لتكريس نظام الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة وذلك بهدف تحقيق الأهداف التالية: أولاً: العمل على زيادة عدد المستوطنين اليهود لكي يزيد عن عدد الفلسطينيين خلال الأعوام العشرة المقبلة. وثانياً: من أجل القضم الجزئي للأراضي الفلسطينية المحتلة وضمها تدريجياً وتطبيق القوانين الإسرائيلية عليها. وثالثاً: من أجل قطع أوصال المناطق الفلسطينية المحتلة بهدف تقليل احتمالات نشوء الدولة الفلسطينية، وهو الأمر الذي تجلى مؤخراً في قرار لجنة بلدية القدس التي وافقت لجنة التخطيط والبناء فيها على مشروع يقطع التواصل الجغرافي بين صور باهر وبيت صفافا، ما يعقد آفاق حل الدولتين.

في الإطار السابق، تُسخّر دولة الاحتلال كل إمكاناتها المادية والمؤسساتية لصالح تنفيذ هذا المخطط الذي بات واضح المعالم ليس أمامنا فقط، وإنما أمام إدارة بايدن والحكومات الغربية كافة. ويقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي بتسهيل قيام هذا المخطط الاستيطاني الأبرتهايدي وحمايته، وكأنما ينتمي هذا الجيش والحركة الاستيطانية إلى المؤسسة نفسها. ليس هذا فقط، وإنما، وحسب ما أدلى به ما يسمى قائد “لواء السامرة” في شمال الضفة الغربية، العقيد روعي تسفايغ، بتصريحاته خلال خطاب ألقاه لمناسبة ما يسمى “يوم أورشليم” الأحد لطلاب معهد ديني محلي في مستوطنة “ألون موريه”، فإن الجيش والحركة الاستيطانية هما الشيء نفسه!

من التحليل السابق، وفي ضوء تحليل نتائج زيارة بايدن للمنطقة، نستنتج أن الرئيس الأميركي جو بايدن لم ينجح فقط بإقناع دولة الاحتلال “إسرائيل” بالمضي قدماً في عملية السلام، ولكنه أيضاً لم ينجح في إقناعها بالتوقف عن سياساتها المفضية إلى تكريس نظام الفصل العنصري في المناطق الفلسطينية المحتلة. بل على العكس، اتسع نطاق الأبرتهايد الإسرائيلي وزادت إسرائيل من انتهاكاتها لحقوق الإنسان في المناطق المحتلة وفي شتى الميادين. في هذا السياق، فإن قيام إدارة بايدن بمراجعة سريعة لسياستها تجاه القضية الفلسطينية يصبح أمراً ملحاً وضرورياً في ضوء اتساع نظام الفصل العنصري الإسرائيلي؛ والذي يشمل أيضاً مواطني الولايات المتحدة من أصل فلسطيني. إن النصيحة التي يمكن تقديمها لإدارة بايدن تكمن في تكثيف سياستها الخارجية في ثلاثة اتجاهات متوازية؛ الأولى: التسوية السلمية، والثانية: إنهاء نظام الفصل العنصري، والثالثة: تحسين مستوى المعيشة للشعب الفلسطيني. وأن التركيز على اتجاه واحد من هذه الاتجاهات لا يمكن أن يكون مفيداً للمصالح الأميركية.


اقرأ\ي أيضاً| إسرائيل تؤسرل التعليم

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى