مقالات

هدوء المستوطنين مقابل هدوء الفلسطينيين معادلة مرفوضة

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – يحاول وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي، “بيني غانتس” أن يتذاكى ويمرر معادلة هدوء المستوطنين مقابل هدوء الفلسطينيين، عندما سرب خبرا مفاده أنه طلب من حاخامات المستوطنين العمل على تخفيف التوتر ووقف اعتداءاتهم على الفلسطينيين…!!! صحيح أن المستوطنين هم مشكلة كبيرة بالنسبة للشعب الفلسطيني في الضفة والقدس الشرقية، لكن الاحتلال هو أم المشاكل وجذرها الأساسي. الاستيطان هو المظهر الأخطر والأسوأ للاحتلال الإسرائيلي، ولكن مظهره العسكري، من بطش وحواجز وحصار وتقطيع للأوصال لا يقل خطورة.

كثير من الاستراتيجيين الإسرائيليين، تحدثوا من زمن عما وصفوه (حربا أهلية) قد تندلع في الضفة بين المستوطنين، والفلسطينيين، حرب تشبه إلى حد بعيد ما دار في فلسطين بين الشعب الفلسطيني و العصابات الصهيونية المسلحة، في الفترة من إصدار الأمم المتحدة قرار التقسيم في 29 تشرين الثاني / نوفمبر 1947 وحتى انتهاء الانتداب البريطاني، ودخول الجيوش العربية في 15 أيار/ مايو 1948، التي أخذت في حينه زمام المبادرة من الحركة الوطنية الفلسطينية. تمرير معادلة هدوء المستوطنين مقابل هدوء الفلسطينيين، إذا ما تحولت إلى نمط حياة يومية، بمعنى موجات اشتباك وموجات هدوء، فإن ما تسعى إليه دولة الاحتلال من وراء ذلك هو أن نصل إلى لحظة يتم فيها تقسيم الضفة، أو إعلان ضم من جانب واحد للمستوطنات الكبيرة.

وعلى عكس ما جرى عامي 1947 و 1948, أي أن الصهيونية أشعلت الحرب بهدف تنفيذ قرار التقسيم، اليوم تحاول إسرائيل أن تفرض واقعا يفرض تقسيما للضفة. وهنا لا بد من التذكير أن إسرائيل عام 2019، وعندما كان ترامب رئيسا للولايات المتحدة ونتنياهو رئيسا للوزراء الإسرائيلي، طرح موضوع الضم لمنطقة الأغوار وتجمعات المستوطنات الكبيرة، أي ما يزيد عن 50 % من مساحة الضفة، وفي حينه لولا الموقف الفلسطيني الصلب وتضامن المجتمع الدولي مع الشعب الفلسطيني، لنجح مخطط نتنياهو – ترامب.

علينا أن ندرك أن فشل إسرائيل وقتها لا يعني أن المخطط قد انتهى، فدولة الاحتلال بعد أن اعتقدت أنها ضمنت ضم القدس الشرقية، فهي تريد استكمال مخططها للاستيلاء على أكثر المناطق خصوبة وأهمية استراتيجية في الضفة، بالطبع ما يضمن لها السيطرة على معظم الموارد. وإذا عدنا إلى الصدام بين العصابات الصهيونية، والشعب الفلسطيني في عامي 1947 و 1948، والتي سبقت الحرب بين إسرائيل الدولة والجيوش العربية، فإننا نلاحظ أن هدف بن غوريون في حينه كان التطهير العرقي للجزء الذي خصص للدولة اليهودية بموجب قرار التقسيم من الفلسطينيين، وبالفعل شرد الشعب الفلسطيني من طبريا ثم من حيفا فصفد وبعدها من يافا، وخلال ذلك وقبل أن تدخل الجيوش العربية كان قد شرد أيضا سكان أكثر من 250 قرية فلسطينية ودمرها عن الوجود.

معادلة هدوء المستوطنين مقابل هدوء الفلسطينيين معادلة مرفوضة، صحيح أننا نريد كفلسطينيين أن يتم لجم المستوطنين، ولكن ضمن حماية دولية شاملة لا عبر جيش الاحتلال، حماية دولية للشعب الفلسطيني في دولته، وأن تكون هذه الحماية ضمن جدول زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين والتي عاصمتها القدس الشرقية.

بالضرورة ونحن نقاوم الاحتلال ألا نقع في الشباك التي تنصبها لنا إسرائيل، من أجل تمرير مشاريعها، مقاومتنا الشعبية موجهة نحو الاحتلال بكل مظاهره، وهذه المقاومة لا يمكن وصفها بحرب أهلية أو إعطاؤها مثل هذه الصبغة، الاستيطان والمستوطنون هم جوهر الاحتلال وجيش الاحتلال ما هو إلا أداة القمع والبطش، إذا كانت هناك نية لتخفيف التوتر فإن على جيش الاحتلال أن يتوقف عن اقتحام المدن الفلسطينية، ووقف عمليات الاغتيال الميداني وسياسة العقاب الجماعي، وأن تتم إزالة الحواجز التي لا دور لها سوى امتهان كرامة الإنسان الفلسطيني، وفي سياق ذلك تتم عملية لجم المستوطنين.

أما أن يبدو جيش الاحتلال وكأنه راعي عملية الهدوء بين المستوطنين والشعب الفلسطيني فهذه وصفة لتفجير الأوضاع لا لتهدئتها، فلدى الشعب الفلسطيني مخزون طاقة وإرادة لا يمكن التغلب عليه أبدا.


اقرأ\ي أيضاً| إسرائيل بكل أطيافها متفقة على القتل المتسلسل للفلسطينيين

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى