مقالات

بولندا ترفض وقاحة إسرائيل

بولندا ترفض وقاحة إسرائيل

شعاع نيوز – الكاتب: عمر الغول – أوقفت بولندا منذ فترة زيارات آلاف الشبان الصهاينة، الذين يزورون معسكرات النازية الألمانية في الأراضي البولندية، التي تحتضن أفران المحارق ضد اليهود، وكانت مجموعات الشباب الصهيونية ومرافقيهم من المسلحين الإسرائيليين، والرواة المعرفين عن تلك الأحداث الأليمة، لا يتورعون عن الإساءة للشعب البولندي، ويتهمونه بالشراكة مع النازية فيما حصل لليهود البولنديين، مع أنه لا ناقة له ولا جمل في المحرقة؛ لأنه كان يخضع للاحتلال الألماني النازي، ليس هذا فحسب، بل إن تلك المجموعات الصهيونية ومرافقيها المسلحين يمارسون انتهاكات استفزازية، ومسيئة للبولنديين، الأمر الذي دعا القيادة البولندية لوقف تلك الرحلات، وعدم السماح لهم بانتهاك سيادة الدولة البولندية، وعلى أرض الشعب البولندي.

هذا التطور دفع السفير الإسرائيلي، ياكوف ليفني للتحريض على الخارجية البولندية والقيادة والشعب البولندي، ليس هذا فحسب، إنما طالب بولندا بإعادة السماح لزيارات الشباب الصهيوني لبولندا، بذريعة التعرف على تاريخهم، وعلى ما أصابهم من ويلات. فرد نائب وزير خارجية وارسو، بافل يابلوسكي على الاتهامات والعجرفة الإسرائيلية، التي نقلها السفير الإسرائيلي إلى العلن بطريقة حازمة، فقال أولا إذا أردتم إرسال الشباب الصهيوني يفترض احترام سيادة بولندا، وعدم الإساءة لها؛ ثانيا ممنوع مرافقة تلك المجموعات أي مسلحين؛ ثالثا لا يجوز ربط جرائم النازية الألمانية مع الشعب البولندي، الذي أيضا دفع فاتورة عالية من الضحايا نتاج الاحتلال الألماني للبلاد. وبالتالي من غير المسموح توجيه تهم باطلة لبولندا وشعبها. عندئذ يمكن للحكومة البولونية السماح للإسرائيليين الشباب بزيارة تلك المعسكرات.

ومازالت الأزمة تشهد تصعيدا بين البلدين، حيث تحاول حكومة لبيد منتهية الولاية من خلال سفيرها، أو مندوبها السامي لي ذراع الحكومة البولندية، وتجييش حلفائها من داخل بولندا، وتحديدا من الجماعات اليهودية الصهيونية، ومن خارجها خاصة حليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدة وغيرها من اللوبيات الصهيونية ومنابرها الإعلامية. بيد أن القيادة البولندية ترفض رفضا قاطعا المنطق والأسلوب الإسرائيلي الاستعلائي الوقح، وتُصر على خيارها بشأن تلك الزيارات المسمومة والمعادية لبولندا.

والنموذج الاستعلائي المتغطرس الصهيوني تجاه بولندا وشعبها، المعتمد لسياسة لي الذراع، وتجاوز معايير السيادة الدولية، وحقوق وقوانين ومصالح وثقافة الشعب البولندي، ليس الأول من نوعه، ولن يكون الأخير، إنما هو جزء من نهج صهيوني فوقي ومتعال، انطلاقا من فرضية، أن على وارسو وبرلين وباريس ولندن وفيينا ومدريد ولوكسمبورغ وغيرها من دول العالم بما فيها واشنطن أن تسلم بالمنطق الصهيوني، وتوافق دون نقاش على معايير ورؤية القيادات الصهيونية وعلى أراضيها، وتقبل طواعية بما تحدده إسرائيل المارقة دون أي اعتراض.

مع أن كل تلك الدول تحتضن إسرائيل، وروايتها الصهيونية، ودفعت لها المال والسلاح والاقتصاد، وقدمت لها الدعم السياسي والدبلوماسي داخل بلدانها، وفي المنابر الإقليمية والدولية. ولم تألُ جهدا لخدمة مصالح دولة الإرهاب المنظم الإسرائيلية. ومع ذلك تريد (إسرائيل) من تلك الدول تبني مواقفها على علاتها، وأيا كان الانتهاك الذي يمثله لسيادة الدولة أو الدول ذات الصلة بالمحرقة النازية والفاشية؛ لأن القيادة الإسرائيلية تدرك، أن تلك الدول عليها أن تبقى تدفع إلى ما لا نهاية فاتورة المحرقة؛ أضف إلى أن وجود إسرائيل وغطرستها وعنجهيتها مصلحة لكل دول الغرب والشرق الرأسمالي، كونها خدمت وتخدم مصالحهم الاستراتيجية في واحد من أهم أقاليم العالم، أي الوطن العربي، وهو ما يتوجب عليها دفع الفاتورة مثنى وثلاث ورباع وكل يوم.

ورغم هذه الأزمة المفتعلة من قبل القيادة الإسرائيلية ممثلة بسفيرها، الذي لم ينطق عن الهوى، إنما صرح بما أملته عليه قيادته في الخارجية وحكومة لبيد عموما، التي تعمقها من خلال عملية التحريض المعلن على بولندا تحديدا ومن خلفها أوروبا بكل مكوناتها وأميركا وكندا ومن يدور في فلكهم، إلا أن تلك الدول لم تتعلم الدرس، ولم تستخلص العبر من تجاربها، ولم تحاول أن تعيد النظر بسياساتها تجاه مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني، وتواصل الكيل بمكيالين، ولم تراجع نفسها، وتتخلص من ازدواجية المعايير؛ لأنها تخضع للسقف السياسي والقانوني والثقافي والديني الأميركي.

مع ذلك، الفرصة مواتية لوارسو للانعتاق من دوامة التبعية لخيارها القائم، والتمرد على إسرائيل والحركة الصهيونية والبيت الأبيض، وشق سياسة موضوعية ومسؤولة تجاه سيادة البيت البولندي والقانون الدولي، بهدف تعزيز ركائز السلام وتقديم الحماية للشعب الفلسطيني، والضغط على إسرائيل لإلزامها باستحقاقات السلام.


اقرأ\ي أيضاً| بولندا تستدعي السفير الإسرائيلي

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى