مقالات

اليمين الفاشي يسيطر على إسرائيل.. ما العمل؟

شعاع نيوز/ الكاتب: باسم برهوم –اليمين الفاشي يسيطر على إسرائيل.. ما العمل؟

منذ أكثر من عقدين، وبعد كل انتخابات تجري في إسرائيل، ونحن نردد تقريبا نفس العبارات، هذه الحكومة هي الحكومة الأكثر يمينية وتطرفا، ماذا سنقول هذه المرة عن حكومة تتراوح القوى المشكلة لها من اليمين المحافظ وأحزاب دينية أصولية متحجرة والأحزاب “الكهانتوية” من الصهيونية الدينية، حكومة من القوى الفاشية والأكثر عنصرية التي لا تخفي لا فاشيتها ولا عنصريتها. الحكومة التي يزمع نتنياهو على تشكيلها لا يناسبها وصف حكومة يمينية متطرفة إذًا، هي حكومة فاشية تمثل خلاصة الكراهية والعنصرية المتراكة، حكومة تمثل الفئات التي لا تتكلم ولا تكتفي بالتهديد بل تقوم يوميا بقتل وإرهاب الفلسطينيين في الضفة المحتلة، ولا تخفي هدفها المباشر في ترحيلهم سواء من هم داخل الخط الأخضر أو في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وهم على الصعيد الإسرائيلي الداخلي قوة استبدادية هدفها إلغاء الديمقراطية وفرض يهودية الدولة عبر إما إزاحة قوانين أو فرض قوانين تعزز هيمنة قوى التطرف الديني. عندما أسس هيرتسل الحركة الصهيونية نهاية القرن التاسع عشر، استخدم مصطلح “الصهيونية العادلة والديمقراطية” بهدف تسويق الفكرة يهوديا وعالميا، وعند قيامها وصفت إسرائيل نفسها بأنها دولة ديموقراطية تساوي بين مواطنيها.

صحيح أن العدل والديمقراطية مع الصهيونية لا يلتقيان، ولكن إسرائيل حاولت طوال الوقت أن تحافظ بالحد الأدنى على هذه الصورة، وكانت هذه المحاولة تمنع على الاقل من اتخاذ إجراءات تعسفية كبيرة ضد الفلسطينيين في الداخل، وكانت إسرائيل تبدو أكثر ليبرالية وانفتاحا على الآخر. أما الطغمة التي جاءت بها الانتخابات هي قوة سوداء منغلقة عدوة للانفتاح والليبرالية ولا تنظر للفلسطينيين سوى أنهم عدو يجب دحره وإخراجه من “أرض إسرائيل” وهذه الطغمة ليست عدوة للعربي الفلسطيني بل هي عدوة لليهودي المختلف عنها، لذلك هي قوة استبدادية وفاشية، وهذه هي المرة الاولى التي تكون فيها إسرائيل بهذه الدرجة من الانحطاط.

ولنفهم المقصود أكثر، فإن الصهيونية، قبل تأسيس دولة إسرائيل وحتى الآن انتقلت فيها السيطرة من الصهيونية – الاشتراكية، أو الصهيونية العمالية، وهذا التيار هو الذي أسس إسرائيل وحكمها بعد التأسيس منفردا تقريبا مدة ثلاثة عقود، بزعامة حزب ماباي أولا ثم تحول الى حزب العمل “المعراخ” أو يطلق عليه اليسار الإسرائيلي. ثم جاءت الصهيونية- الليبرالية وكانت تمتد من الوسط الى اليمين التقليدي، واخيرا ها نحن امام مد الصهيونية الدينية، التي تدمج بين الدين والقومية وتصر على الهوية اليهودية للدولة وتعتبرها الهدف المركزي ولها أولوية على الديمقراطية.

حزب الليكود، كان حتى سيطر عليه نتنياهو عام 1999 حزبا ليبراليا قوميا يمتد تمثيله في الخارطة السياسية من الوسط الى اليمين، وبصيغة أدق وسط اليمين فالحزب تأسس عام 1973 بزعامة مناحيم بيغن وتشكل كتكتل من اتحاد حزبين، حزب حيروت الذي كان يتزعمه بيغن نفسه والحزب الليبرالي، وكلاهما تعود جذوره التاريخية الى الحركة الصهيونية التصحيحية ( بيتار) التي أسسها زئيف فلاديمير جابوتنسكي، وهي حركة مناوئة للصهيونية العمالية وتمثل الطبقة الرأسمالية والوسطى اليهودية، وطالبت بسياسة اكثر تشددا تجاه الفلسطينيين. نتنياهو حول الليكود من حزب ليبرالي عقائدي الى حزب فئوي اكثر يمينية وشعبوية سيطر على جزء كبير منه المستوطنون.

ولا بد من الاشارة هنا الى مغادرة الكثير من قيادات الوسط لليكود وتشكيل حزب كاديما مع قيادات من حزب العمل مثل شمعون بيريس وحييم رامون وقاد الحزب الجديد الذي وضع نفسه في وسط الخارطة السياسية اريئيل شارون. ورفع حزب كاديما شعار فك الارتباط بالفلسطينيبن والحفاظ على إسرائيل دولة يهودية ديمقراطية. هذا الخروج لتيار الوسط واليمين التقليدي ترك الليكود كما سبقت الإشارة الى حزب فئوي تسيطر عليه مجموعات الاستيطان، الامر الذي يعني أننا اليوم أمام تشكيلة هدفها ليس فقط اقصاء ما تبقى اليسار وانما ايضا أحزاب الوسط وحتى يمين الوسط والوسط واليمين الليبرالي.

أما عن سؤال كيف سيتعامل المجتمع الدولي مع هذه الحكومة الفاشية؟ بالتأكيد ان هذه الحكومة بعد تشكيلها على النحو المشار اليه ستواجه بتحفظ الادارة الأميركية الديمقراطية الحالية، ومن الاتحاد الأوروبي كسياسة رسمية عامة، الا انها ستلقى ترحيبا من الاتجاهات اليمينية والفاشية الصاعدة في خارطة اوروبا السياسية والايديوجية، واستطاعت الوصول الى سدة الحكم كما في ايطاليا. كما ستكون في وضع افضل اذا فاز الجمهوريون في الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، وخصوصا التيار الترامبي في هذا الحزب.

على الجانب الفلسطيني هناك مجموعة من الاسئلة بحاجة لإجابة، أول هذه الأسئلة، ما هي الاستراتيجية الوطنية لمواجهة الاخطار والتحديات التي سيأتي بها ويفرضها هذا اليمين الفاشي؟ وهل سنبقى على انقسامنا وتشرذمنا والخطر يستهدف وجودنا جميعا؟ ما هو شكل المقاومة الأنسب؟ وعندما نتفق هل سيلتزم الجميع بشكل المقاومة هذا واعطائها كل الزخم المطلوب أم نختلف ولا نحقق أي انجاز؟ ما هو شكل السياسة والتحرك الدبلوماسي المطلوب على الساحة الدولية، ومن هم حلفاؤنا ومن يجب أن نفتح حوارا معهم؟ وهل سنواصل الحوار مع المجتمع الإسرائيلي، واذا اتفقنا على اهمية ذلك، فمع من وكيف نحاور وعلى اية أسس وما هي الوسائل؟

وضمن الإستراتيحية، هل سنحافظ على هدف حل الدولتين ام الدولة ثنائية القومية أم ماذا؟

وللاجابة على هذه الأسئلة ربما نحن بحاجة الى إطار مهني يجمع خبراء وسياسيين مواز الى جانب القيادة السياسية، يقيم ويقترح السياسات.

لم يعد لدينا الكثير من الوقت لنضيعه بالعتب وتسجيل المواقف، التهديد كبير لنتصرف بمسؤولية فوجودنا السياسي والمادي في خطر حقيقي وكبير مع هذا اليمين الفاشي.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى