مقالات

خطيئة الجهل بالخلفيات

شعاع نيوز- الكاتب عمر الغول.. دائما وأبدا الأنشطة والفعاليات الوطنية أيا كان مكان عقدها أو إقامتها، إن كان في داخل حدود الوطن الفلسطيني كله أو في الشتات والمغتربات تكون محل ترحيب والتفاف شعبي ووطني، طالما تتم بجهد فصائلي أو شعبي، ويكون هدفها تعزيز وترسيخ وحدة الصف، ودعم كفاح منظمة التحرير، وحمايتها والدفاع عنها، كممثل شرعي ووحيد، ونبذ الفرقة والانقسام والتشرذم، وشَّد أزر ذوي الشهداء والجرحى والأسرى، ورفع مكانة الشعب والقضية والاهداف الوطنية، وتصب في مجابهة قوى الاستعمار والفاشية الإسرائيلية، ومن يتواطأ معها. وفي ذات الوقت، ترفض الجماهير والفصائل والقوى والنخب السياسية والثقافية الوطنية من مختلف ألوان الطيف السياسي الفلسطيني كل فعل يهدف لتعميق الانقسام والتمزق وحرف بوصلة الكفاح الوطني التحرري، وتنبذ وتتصدى لكل نشاط مهما كان اسمه وعنوانه، والشعار الديماغوجي المرفوع لإقامته بهدف الالتفاف على منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد، ويستهدف الطعن في مكانة الشرعية الوطنية، ويمس وحدة الشعب والأرض والقضية والأهداف الوطنية.

وللأسف الشديد هناك قطاع محدود من أبناء الشعب ونخبه السياسية لا يدقق في خلفيات وأهداف بعض الدعوات لإقامة هذه الفعالية أم تلك، ولا في غايات القوى التي تقف خلفها، وتنساق مدفوعة بحسها الوطني الصادق وراء الشعار الشكلي والوهمي المرفوع، مثال على ذلك، دعوة بعض الجهات الحزبية والشخصيات الموتورة لعقد ما سمي “المؤتمر الشعبي الفلسطيني لإعادة بناء منظمة التحرير”، الذي تم أول أمس السبت الموافق 5 نوفمبر الحالي وزج بالكثير من العبارات والمفاهيم الوطنية، التي لا يقصدونها، ولا تعكس الحرص على المنظمة والشعب وأداوته الكفاحية، بل العكس صحيح.

وللأسف تأتي هذه الدعوة بالتلازم مع الجهود الجزائرية لإعادة توحيد الصف الوطني، وتعزيز الروابط الأخوية بين أبناء الشعب، وتعميق الشراكة السياسية بين القوى والفصائل السياسية، وتطوير الفعل الوطني في الهيئات القيادية لمنظمة التحرير ودوائرها، والذي توج الشهر الماضي عشية انعقاد القمة العربية في دورتها الـ31 مطلع الشهر الحالي، بعقد اجتماع لـ 14 فصيلا وعدد من الشخصيات المستقلة في العاصمة الجزائرية، وصدر عنه إعلان جامع وافقت عليه الفصائل المختلفة دون استثناء، وجاء عنوانه ” إعلان لم الشمل الفلسطيني”.

وعليه، فإن الهدف الأساس من خطوة عقد ما سمي بـ”المؤتمر الشعبي الفلسطيني”، أولا قطع الطريق على الجهود الجزائرية والمصرية والعربية عموما، ومبادرات الأشقاء العرب؛ ثانيا الالتفاف على منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، التي تمثل الأربعة عشر مليونا؛ ثالثا دس السم في العسل تحت يافطة شعارات براقة ووهمية وفارغة من المضامين، ليس هذا فحسب، بل إنها تهدد المنظمة، وتقفز عنها، وعليها لتحقيق مآرب القائمين على ذلك المؤتمر غير الشعبي، والذي لا يمت بصلة للمنظمة وتطويرها؛ رابعا تضليل عدد من المشاركين من أبناء الشعب في الداخل والشتات والمغتربات، لأنهم لم يقرأوا الخلفيات، ولم يدققوا في اللحظة التي انعقد فيها المؤتمر، ولم يستشرفوا أبعاد وأخطار الدعوة، فانساقوا وراء عواطفهم، وخلف الشعارات الوهمية التي أطلقها بعض المشاركين في حوار الجزائر، والذين وقعوا على إعلان “لم الشمل”.

وأنا هنا، لا أناقش أصحاب الأجندات الانقلابية والانقسامية، لأنهم ارتكبوا ما ارتكبوا من خطيئة عن سابق تصميم وإصرار، وهم يعلمون جيدا جدا هدفهم القديم الجديد بتعميق الانقلاب وشق وحدة الصف الوطني. لذا أناقش هنا أبناء الشعب الذين لا يعلمون حقيقة تلك الخلفيات، وانبرى بعضهم يدافع عما قرأه من شعار، وما سمعه من خطب رنانة، لا يعنيها أصحابها، ولا من مولهم من فصائل ودول إقليمية، وأدعوهم للعودة لجادة الصواب، والتفكير المسؤول تجاه أنفسهم، وتجاه الشعب والمنظمة والأهداف الوطنية، وليتذكروا جيدا ما ارتكبته بعض القوى في أواسط عام 2007، وما زال خطره جاثما على صدر الشعب ووحدته. وألا تحكمهم عواطفهم الطيبة والنبيلة لارتكاب خطيئة بحق الذات الوطنية، وتجاه الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني، وأن يتراجعوا عن اندفاعهم الخطر في متاهة القوى المهددة لوحدة الأرض والشعب والمنظمة والنظام السياسي التعددي الفلسطيني، ويصونوا دماء الشهداء، وآلام ومعاناة أسرى الحرية الأبطال، ويضمدوا جراح الجرحى من أبناء الشعب. ما زال الوقت أمامكم، ولكن لا تتأخروا كثيرا في مراجعتكم لخطيئتكم غير المقصودة، والناتجة عن عدم معرفة بحقيقة من وقف وراء الدعوة المشبوهة والمرفوضة وطنيا.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى