مقالات

أحداث البرازيل تفرض حلفا دوليا مناهضا للفاشية

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – كل ما جرى في الولايات المتحدة الأميركية نهاية عام 2020 وبداية عام2021 تكرر تماما أمس الأول في البرازيل، وكأنه نسخة طبق الأصل، والاختلاف الوحيد هو المكان. في الولايات المتحدة، رفض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الاعتراف بنتائج الانتخابات، وروج فكرة التزوير وبقي متمسكا بها، وفي 6 كانون الثاني/ يناير 2021، وقبل أسبوعين فقط من تنصيب الرئيس جو بايدن اقتحم أنصار ترامب بشكل همجي مبنى الكابيتول (الكونغرس) وعاثوا به فسادا وهددوا بالفعل حياة أعضاء مجلس النواب والشيوخ ومن بينهم نائب الرئيس ترامب مايك بنس، ورئيسة مجلس النواب في حينه نانسي بيلوسي كما رفض حضور حفل التنصيب وتسليم خلفه الرئاسة.

في البرازيل تكرر السيناريو ذاته، الرئيس اليميني جايير بولسونارو رفض الاعتراف بفوز الرئيس اليساري لولا دا سيلفا، وأشاع فكرة التزوير ورفض حضور حفل التنصيب الأحد الماضي وتسليم الرئيس لولا شارة الرئاسة، واكتمل شريط الأحداث باقتحام أتباع بولسونارو مبنى البرلمان والقصر الرئاسي ومحكمة العدل العليا في العاصمة برازيليا، وبالطريقة الهمجية نفسها عاثوا بالمقرات تخريبا. عقلية اليمين الفاشي هي ذاتها، لا تحترم الديمقراطية ولا سيادة القانون ولا تعنيهم مؤسسات الدولة أو الدستور، فهم إما يحكمون أو يخربون كل شيء.

الخطير في هذا اليمين الفاشي، أنه وعندما يصل للحكم عن طريق صندوق الاقتراع فإنه يسعى إلى إحداث انقلاب وتحويل الدولة على شاكلته ويبدأ أولا في تطويع الجهاز القضائي والسيطرة علية، وإقرار قوانين تعزز من هيمنة اليمين الفاشي. هكذا فعل ترامب وهنا في إسرائيل ما تقوم به الحكومة اليمينية الفاشية، حيث يحاول نتنياهو السيطرة على الجهاز القضائي ويقر قوانين تغطي فساده وانتهاكاتهم للقانون.

ما جرى في البرازيل وقبله في الولايات المتحدة والآن يجري في إسرائيل، يشير إلى أن هناك تيارا يمينيا فاشيا موجودا في دول عديدة، وهو لا يهدد الديمقراطية والسلم الأهلي في كل دولة على حدة، بل إنه يهدد السلام العالمي؛ لأنه لا يعير منظومة القانون الدولي والنظام الدولي المستند إلى هذا القانون وميثاق الأمم المتحدة أي اهتمام. من هنا فإن ترامب وبولسونارو ونتنياهو وبن غفير وسموتريتش هم من الطينة نفسها ومن حلف يريد الهيمنة على العالم.


اقرأ\ي أيضاً| الخارجية تدين العنف والارهاب والتحريض في البرازيل


في إسرائيل يمثل هذا اليمين الفاشي النسخة الأسوأ، لأن في المعادلة هناك شعبا آخر، لا يمارس بحقه سياسة عنصرية وحسب، بل يواصل نفي وجوده كشعب، ويرفض الاعتراف بحقوقه السياسية المنسجمة مع القانون الدولي، قانون يهودية الدولة الذي أقره البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) عام 2018 أزال عن إسرائيل صفة أنها دولة ديمقراطية، دولة كل مواطنيها، والحكومة الإسرائيلية الحالية تريد ترجمة هذا القانون، إلى ممارسة فاليمين الفاشي لا يكترث بأن تكون إسرائيل دولة ديمقراطية ما يكترث إليه هذا اليمين بأن تكون إسرائيل دولة يهودية بغض النظر عن أنها كانت في نظر العالم دولة ديمقراطية أم لا.

ولعلنا نحن الفلسطينيين من أكثر الناس الذي يدركون أن سيطرة اليمين المتطرف الفاشي، سيعيد الصراع إلى نقطة الصفر بأنه صراع وجود. فمنظمة التحرير الفلسطينية حاولت عام 1988 تجاوز الظلم التاريخي وقررت الاعتراف بالآخر وقبلت باتفاقية أوسلو ووجدت في حينه شريكا إسرائيليا يرغب بالسلام، إلا أن هذا اليمين الذي يسيطر على إسرائيل اليوم اغتال هذا الشريك جسديا، باغتيال رابين عام 1995، ومن ثم اغتال عملية السلام برمتها سياسيا، وعاد إلى منطق نفي الآخر.

وبخصوص حلف اليمين الفاشي الدولي، فالشعب الفلسطيني أدرك مبكرا خطره على السلام العالمي، عندم قدم ترامب الهدايا السياسية لحليفه اليميني نتنياهو، عندما بدأ بمسار سياسي يصفي عمليا القضية الفلسطينية. فقد أصدر إعلانا في كانون الأول/ ديسمبر 2017 يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ولاحقا طرح صفقة القرن التي تختزل الحقوق الوطنية الفلسطينية بقضيا اقتصادية ومعيشية، بالتزامن مع ضم أجزاء واسعة من الضفة إلى إسرائيل.

هذا التيار الفاشي الخطير لا يمكن مواجهته في كل بلد على حدة بل عبر خلق جبهة عالمية تتوحد في وجه هذا اليمين. فهذا اليمين الفاشي يعتقد أنه بالاستفراد في بكل بلد يحقق سيطرته بالتدريج على العالم. هناك ضرورة لتشكيل جبهة مناهضة للفاشية وكل انتهاك للقانون الدولي، جبهة ديمقراطية تؤمن بالعدل والمساواة بين الشعوب. النظام الدولي المستند للقانون والديمقراطية في خطر وقد آن الأوان للتحرك.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى