مقالات

الاستيطان في E1 تدمير ثلاثي الأبعاد

الاستيطان في E1 تدمير ثلاثي الأبعاد

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – منطقة E1، بضع كيلو مترات جنوب القدس يمكن ان تأخذ إسرائيل وتأخذنا للدولة الواحدة، او تنقذ حل الدولتين الموجود في غرفة انعاش منذ اكثر من عقد. المنطقة تحولت بسبب الاستيطان الإسرائيلي الى عنق زجاجة استراتيجي تربط بين جنوب وشمال الضفة، فإذا ما نفذت إسرائيل مخططتها الاستيطاني فإنها ستقطع اوصال الضفة وبالتالي تدمير مبدا حل الدولتين وبالتحديد إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.

كما سيؤدي الاستيطان بمنطقة E1 الى عزل القدس تماما عن محيطها الفلسطيني، والتوسع بحجة الربط بين مستوطنة معاليه ادوميم والقدس وإلى انشاء القدس الكبرى التي ستلتهم 10% من الضفة، واذا اضفنا لها مما هو موجود من مستوطنات وبؤر استيطانية ومخطط لضم الاغوار فانه لن يبقى للفلسطينيين سوى اقل من 50% من الضفة، اي ما يعادل 15% من فلسطين التاريخية ولا يمكن بأي حال ان تقام عليه دولة.

المخطط الإسرائيلي الاستيطاني لمنطقة E1 قديم اقره رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين عام 1994، لكنه بقي في ادراج الحكومات الإسرائيلية بضغط دولي حتى العام 2013، عندما أعادت إسرائيل العمل به، وفي حينها وبهدف منع السيطرة قام نشطاء من حركة فتح وفصائل وطنية اخرى بإقامة قرية “باب الشمس”، حيث نصبوا في المنطقة اكثر من 25 خيمة، لكن إسرائيل ما لبثت ان ازالتها بالقوة الوحشية.

في شباط/ فبراير الماضي، وبالتزامن مع إقرار الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بناء 7000 وحدة استيطانية، قررت استئناف البناء الاستيطاني في منطقة E1. وكان من المفترض ان يعقد نتنياهو اجتماعا للجنة الاستيطان الاسبوع الماضي لاعطاء الضوء الاخضر للبدء بالعمل، الا ان هذا الاجتماع قد تم تأجيله بضغط من إدارة الرئيس الاميركي بايدن.

من الواضح ان إسرائيل، وخاصة الحكومة الحالية، ستمضي في تنفيذ هذا المخطط، وان المسألة مسألة وقت، وستحاول استغلال اي فرصة يكون فيها المحتمع الدولي منشغلا بأزمة كبيرة، ومثل هذه الأزمات كثيرة هذه الايام. ولكن السؤال: كيف سنواجه نحن هذا المخطط ونحاول منعه؟

في منطقة هي في غاية الحساسية استراتيجيا، نحن بحاجة ان نكرر تجربة قرية باب الشمس او نشاطات مختلفة اخرى تبقي الاضواء مسلطة على القضية وتجنيد موقف دولي يبقى متيقظا لاي خطوة إسرائيلية. وقد نكون بحاجة الى حملة دبلوماسية وأخرى اعلامية على الساحة الدولية تبرز خطورة الاستيطان في هذه المنطقة، وان من شأن قيام إسرائيل الاستيطان في المنطقة ان ينهي تماما اي فرصة لتحقيق سلام بين الجانبين على اساس حل الدولتين، الذي لا يزال المجتمع الدولي يدعمه.


اقرأ|ي أيضاً| الكنيست يصادق على قانون لتهويد الجليل وتغول الاستيطان بالضفة


وفي سياق كل ذلك لا بد من التأكيد ان هذه المنطقة جزء من الارض الفلسطينية المحتلة منذ حزيران/ يونيو 1967، وان اي خطوة من شأنها تغيير الواقع القائم هي باطلة قانونيا بموجب القانون الدولي. واذا ما قامت إسرائيل بخطوتها فإن نمط النضال الفلسطيني سيتغير، ونبدأ مرحلة جديدة من النضال من اجل دولة واحدة ديمقراطية تساوي بين مواطينيها، بعيدا عن العنصرية وسياسات التطهير العرقي.

وفي إطار النضال في الدولة الواحدة يتوحد الكفاح الفلسطيني، سواء منهم داخل الخط الاخضر او في الضفة وقطاع غزة، وهنا يمكن التذكير ان عدد الفلسطينيين يساوي ان لم يزد عن عدد اليهود في هذه الدولة الواحدة. ولن تكون الديمقراطية والمساوة هدفا للفلسطينيين وحدهم وانما هناك تيار يهودي ليبرالي سيوحد جهوده مع التيارات المشابهة له في الجانب الفلسطيني.

الاستيطان في منطقة E1 هو انهاء تام لحل الدولتين وتصفية كاملة لقضية القدس وفي تلك اللحظة سيكون العالم امام دولة فصل عنصري اسوأ من ذلك الذي كان في جنوب أفريقيا، لان الصهيونية تدعي هنا انها المالك الحصري للأرض وان الفلسطينيين مجرد سكان بإقامة مؤقتة. وربما وبالحالة هذه يكون على الشعب الفلسطيني اعداد نفسه للمرحلة المقبلة التي سيأخذ النضال فيها شكلا جديدا وان يحدد اهدافا مختلفة تتعلق بالديمقراطية والمساواة وحق المشاركة الكاملة في القرار.

وبقدر ما تقع المسؤولية على المجتمع الدولي في انقاذ حل الدولتين، فإن على الشعب الفلسطيني مسؤولية التصدي الموحد لهذا المخطط، فلا يصح ان يدعي احد بأنه مقاومة ومن “محور المقاومة” ويقف متفرجا على خطة الاستيطان في E1، لأنه في مثل هذه الحالة سيكون قد قايض دويلة غزة بالضفة. من هنا فإن اي مواجهة يجب ان يقف الشعب الفلسطيني موحدا فيها فلا خلاص لنا الا بوحدتنا.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى