مقالات

سياسة القلق الأميركية.. وبلدوزر استيطان (الصهيونية الدينية)

سياسة القلق الأميركية.. وبلدوزر استيطان (الصهيونية الدينية)

شعاع نيوز – الكاتب: موفق مطر – “أعتقد أن من يعرف البيانات، فإن هذا (الإعلان الأميركي) رد فعل معقول جدا. ولدينا مصالح مشتركة، وإلى جانب ذلك نحن ننقل إلى الأميركيين مفهومنا ومصالحنا. وهذه الإدارة الأميركية تعلم أن هذه الحكومة ملتزمة بالاستيطان. ومسموح أن تكون هناك خلافات بين أصدقاء أيضا، وهذا سيستمر على هذا النحو”!.

الكلام أعلاه منقول حرفيا عما يسمى وزير المالية والوزير في وزارة الأمن الإسرائيلية، بتسلئيل سموتريتش في حكومة منظومة الاحتلال الفاشية برئاسة بنيامين نتنياهو، ومن البديهي ألا يأخذ سموتريتش (قلق) الإدارة الأميركية المنطوق بلسان وزير الخارجية انتوني بلينكن إثر قرار حكومة المنظومة الفاشية “إسرائيل” إضفاء الشرعية على تسع مستوطنات في الضفة الفلسطينية المحتلة والحديث عن مخططات لبناء “عشرة آلاف وحدة استيطانية..حتى أنه لم يكلف نفسه الإعلان عن (قلق) ممائل من موقف ادارة الأميركية، وإنما على العكس ذهب الى البؤرة الاستيطانية العشوائية “غفعات هرئيل” المنشأة على أراضي محافظة رام الله وعقد مؤتمرا صحفيا كشف فيه سياسة حكومة الاحتلال في موضوع التعامل مع مواقف الإدارة الأميركية وبيانات البيت الأبيض التي أقل ما يقال فيها إنها قائمة على مبدأ يحتمل تفسيرين: الأول –دع الإدارة الأميركية تقلق كما تشاء، وتصدر المواقف في مؤتمرات صحفية يومية، ودعونا نستمر بتنفيذ سياستنا وخططنا الاستيطانية، فنحن أدرى بالسبل السلسة الكفيلة بألا يتطور الموقف الأميركي إلى غضب وقرارات حاسمة، أما التفسير الآخر فإنه شكل من أشكال التحدي للإدارة الأميركية الحالية ولكن بصيغة دبلوماسية نوعا ما لا تؤدي إلى توتير العلاقات، فنتنياهو قبل سموتريتش يعلم جيدا أن الادارة الأميركية إذا قررت فعلا موقفا حاسما من الاستيطان فإن حكومته ستتوقف نهائيا عن إنشاء أو توسيع المستوطنات، لكن حكومة ائتلاف الصهيونية الدينية والعظمة اليهودية والليكود تعلم جيدا أن الإدارة الحالية – رغم بعض الاختلافات السطحية عن سابقتها إدارة ترامب– ما زالت في موضع بعيد عن موقف سياسي أميركي حاسم يجبر وكيلها الاستعماري (إسرائيل) على الانصياع للأوامر، فإدارة بايدن مطمئنة إلى دوران عجلة مصالحها في المنطقة بأحسن ما يكون، وتحديدا في مسار التطبيع (اتفاقات أبراهام) وهذا مسمى أبدعه دونالد ترامب، وما دامت إدارته لم تتراجع – كما وعد – عن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، ولم تواجه ضغطا رسميا عربيا موحدا بخصوص هذه القضية الجوهرية، فالقدس الشرقية احتلت في عدوان الخامس من حزيران سنة 1967 أي أنها أرض فلسطينية محتلة وتنطبق عليها كل القوانين والقرارات الأممية بخصوص الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ ذلك التاريخ، بما فيها القرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن الدولي ونعتقد أن بايدن يعلم كما بلينكن أن قرار مجلس الأمن رقم 2334، المعتمد في 23 ديسمبر 2016، حث المجلس على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة سنة 1967، وطالب إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وعدم منح أي شرعية للمستوطنات الإسرائيلية فيها، كما يعلم كبار البيت الأبيض أن القرار صدر عن مجلس الأمن بتأشيرة مرور من رئيس الولايات المتحدة الأميركية آنذاك باراك أوباما – وكلاهما أي بايدن وأوباما من الحزب الديمقراطي– ما يعني بالنسبة لرؤوس المنظومة في إسرائيل أن السنوات الخمس التي طويت دون تنفيذ بند واحد من القرار رغم حجم الإرادة السياسية الأميركية فيه، فإن عشرة أو عشرين من القلق الأميركي ستكون بمثابة (جواز مرور) لمصالح منظومة الاحتلال بغض النظر عن طبيعة مكونات الحكومة وسياساتها!.


اقرأ\ي أيضاً| الفاشية تأكل إسرائيل


البيان الخماسي الصادر عن الولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، سيبقى مثل مقولة جداتنا:”خمسة بعيون الشيطان” ما لم يترجم البيان بقرار حاسم، فما يحدث في الحقيقة أن بلدوزر الاحتلال والاستيطان والصهيونية الدينية والعظمة اليهودية يتغول في أرض وطن الشعب الفلسطيني، فيما البيت الأبيض وعواصم أوروبية كبرى لا تلوح إلا بـ(سياسة القلق)، فكلنا نعلم وهم يعلمون أن هذه الدول التي أنشأت هذا الكيان لوكيلها الاستعماري تستطيع إيقاف تنفيذ مخططات وقرارات الحكومة الفاشية، ولديها من وسائل الضغط على المنظومة ما يجبرها على إيقاف عدوانها على الشعب الفلسطيني، والخضوع لإرادة الشرعية الدولية والقوانين والقرارات الأممية، وللتذكير فإن الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور كان قد أمر رئيس حكومة منظومة الاحتلال آنذاك (دافيد بن غوريون) بانسحاب القوات الإسرائيلية فورا من سيناء، وعندما تقاعس وحاول اختلاق أعذار لعدم تنفيذ الأمر، عاد واتصل به وقال له غاضبا: “حتى المساء أريدك أن تخبرني أن قواتك قد انسحبت”!!!… فقد كتب بنغوريون في مذكراته: “لقد أخبرته بقرار تنفيذ أمر الانسحاب ودموعي في عينيّ”…

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى