مقالات

ضربة الجزائر وجنوب أفريقيا القاضية لمنظومة نتنياهو الاستعمارية العنصرية

ضربة الجزائر وجنوب أفريقيا القاضية لمنظومة نتنياهو الاستعمارية العنصرية

شعاع نيوز – الكاتب: موفق مطر – كلما اهتزت ثقتنا بالعمق الرسمي العربي أعادتها الجزائر الشقيقة إلى توازنها، وكلما ذهبنا للظن أن منظومة الاحتلال الاستعماري العنصرية (إسرائيل) سيطرت تماما على عمقنا الإنساني وحاصرتنا في مساحات ضيقة بفضل نفوذ الدول الاستعمارية الكبرى، جاءنا اليقين من جنوب أفريقيا باستحالة الإطباق على الحق الفلسطيني، فجمهورية الجزائر الشقيقة نموذج حي للشعوب العربية المناضلة ضد الاستعمار الاستيطاني، وللتضحيات على درب الثورة من أجل التحرر والحرية والاستقلال، وكذلك دولة جنوب أفريقيا الصديقة المثال الحي على حتمية انتصار الشعب الحر صاحب الحق التاريخي والطبيعي في أرض وطنه، وهزيمة الغزاة المحتلين والمستوطنين العنصريين.

مرة أخرى تلوح لنا أفريقيا بالأمل، من أقصى شمالها العربي، إلى أقصى جنوبها الأفريقي، وتبعث برسالة حق ثابتة لكل مؤمن بعدالة ومشروعية نضاله وكفاحه بأن الدول الاستعمارية ووكلاءها مثل نظامي إسرائيل والنظام العنصري السابق في جنوب أفريقيا ليست قدراً، وإنما واقع يمكن تغييره جذريا بالثورة والاتحاد، والتشبث بالهوية الوطنية، وببرامج نضال متجددة تأخذ في الاعتبار المتغيرات الدولية ولكن على أساس الإيمان الثابت والراسخ بالحق.

اخترقت منظومة الاحتلال الإسرائيلي الاستيطانية العنصرية الفاشية عمقنا العربي الرسمي في مواقع عدة، واستطاعت استغلال الصراعات بين دول أفريقية، للوصول إلى عواصم أهم الدول الأفريقية من الناحية الإستراتيجية الأمنية والاقتصادية في أفريقيا، لكن إعلان الاتحاد الأفريقي الصادر عن اجتماع القمة في أديس أبابا عاصمة أثيوبيا، وطرد نائبة مدير دائرة أفريقيا في الخارجية الإسرائيلية، شارون بارلي من الجلسة الافتتاحية للقمة الأفريقية، بعد محاولتها فرض مشاركة منظومتها العنصرية كعضو مراقب في اجتماعات الاتحاد الأفريقي بأسلوب لا صلة له بالدبلوماسية، وإنما مشتق من عقلية التفوق التي تتعامل بها المنظومة مع الآخر أيا كانت جنسيته أو عرقه أو لونه أو عقيدته، حتى أن الشرطة المكلفة بأمن مؤتمر القمة أخرجتها من قاعة المؤتمر –كما أبرزت الفيديوهات– فانكسر أنف “الصهيوني العنصري نتنياهو” الذي حاول ببلطجية غير مسبوقة فرض حضوره في أكبر تجمع سياسي في العالم، وهو يعلم أن الاتحاد الأفريقي كان قد علق قرار اعتماد كيانه كمراقب القمة السابقة 2021، ثم أكد الاتحاد بقمته قبل يومين استمرار التعليق وتحويل الموضوع إلى لجنة خاصة.


اقرأ\ي أيضاً| إعلان قمة الاتحاد الإفريقي يؤكد الدعم الكامل للشعب الفلسطيني


إن طرد مندوبة المنظومة الصهيونية العنصرية الاستعمارية الإسرائيلية من الجلسة الافتتاحية لقمة الاتحاد الأفريقي، نعتبره تتويجا عمليا وفعليا لمواقف شعوب أفريقيا الشقيقة والصديقة، جسدتها الجزائر وجنوب أفريقيا الثائرتان على أشكال الاستعمار والاستيطان العنصري بشجاعة الانسجام مع المبادئ والقيم الناظمة لسياسة الدولتين، ونعتقد أن واشنطن وتل أبيب لن توفرا فرصة لأخذ الثأر على الهزيمة المدوية لهما في أفريقيا.. أما إذا نظرنا بدقة لمكانة فلسطين في إعلان الاتحاد الأفريقي في دورته العادية الـ36 في (أديس أبابا) والمميز في القرار الخاص بفلسطين ضمن الإعلان – الذي بدا وكأنه كتب بيد ورؤية فلسطينية ثاقبة- تأكيده على أن الشعب الفلسطيني هو “صاحب الأرض” فلسطين، وأن منظومة الاحتلال الاستعمارية (إسرائيل) القوة القائمة بالاحتلال كما وصفها في الإعلان “تطبق نظام فصل عنصري على أساس العرق والدين”.. وترسخ (الأبارتهايد) التطهير العرقي والتهجير. فالاتحاد الأفريقي يدعم “طلب رئيس دولة فلسطين محمود عباس، من الأمين العام للأمم المتحدة العمل الحثيث على وضع خطة دولية لإنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين” ويرفض “استباحة إسرائيل للحقوق والحريات الأساسية للشعب الفلسطيني، وترسيخ نظام الأبارتهايد”.. ويدعم قرار الأمم المتحدة بالتوجه لمحكمة العدل الدولية لطلب الفتوى حول ماهية وجود الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي على أرض دولة فلسطين والآثار المترتبة على هذا الوجود” كما يدعم حق دولة فلسطين في الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وانضمامها للمنظمات والمواثيق الدولية.. ويعتبر “أي إجراء أو قرار استعماري إسرائيلي بفرض قوانين أو ولاية قضائية وإدارية، لاغيا وباطلا، ومخالفا للقانون الدولي”. أما الوضع التاريخي القائم في مدينة القدس فقد حث الاتحاد الدول الأعضاء على ضرورة العمل للحفاظ عليه.

إعلان الاتحاد الأفريقي يمنحنا الثقة بالعمل الجاد على تكثيف جهودنا الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية على المستويات كافة، وإحكام خططنا وتوفير العنصر البشري الفاعل لإبقاء العلاقة التاريخية مع أفريقيا، ليس باعتبارها الثقل الدولي الهام المساند والمناصر لفلسطين وللحق الفلسطيني، وإنما باعتبارها أحد أهم ميادين عمقنا الإنساني الذي يبقى طيبا حتى لو رجحت كفة المصالح على كفة المبادئ لوقت ما.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى