مقالات

إضراب المعلمين.. لم يعد الصمت ممكنا!

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – على المجتمع ان يقول للمعلمين أوقفوا إضرابكم فورا وعودوا الى المدارس، لقد تعاطفنا ودعمنا مطالبكم وهي مطالب لا يختلف اثنان على عدالتها. وعلى الحكومة عمل المستحيل لتلبيتها، ولكن ان يخسر الطلبة عامهم الدراسي وان تتلقى العملية التعليمية ضربة قاسمة فلا يمكن ان نصمت على ذلك، كما لا يجب ان نقول ان الحكومة وحدها مسؤولة، فالمعلم تكمن اهميته في ان مهمته هي رسالة إنسانية قبل ان تكون وظيفة. وفي معادلة المعلمين ام الحكومة تميل كفة تعاطفنا مع المعلمين حتما، ولكن عندما تبقى بناتنا ويبقى ابناؤنا خارج مدارسهم لما يقارب الثلاثة اشهر لن تعود المسالة مسألة ميل وتعاطف، فالاضراب فقد شرعيته وفقد تعاطف الشعب معه ويجب ان ينتهي فورا.

إنهاء الإضراب لا يعني التنازل عن الحقوق ولا يعني ان الحكومة سجلت انتصارا، فعندما تنهار العملية التعليمية لا احد منتصر بل الجميع خاسر وخاسر جدا، فالتعليم هو سلاح الفلسطيني الأمضى. وإنهاء الإضراب لا يعني ان نتوقف عن مراقبة اداء الحكومة، فمن مسؤولية المجتمع كله وليس المعلمين فقط متابعة تنفيذ الحكومة لوعودها للمعلمين وان تعمل ما تستطيع لتلبية حقوقهم.

الحديث عن حقوق المعلمين لم يفرضه الإضراب بل هو حديث المجتمع الواعي دائما، فلا عملية تعليمية دون معلم مكتف في دخله ويتم تطوير ادائه باستمرار ويحصل على الثناء والتقدير عندما يجد ويجتهد ويبدع وينتقد اذا قصر مع احترام كرامته الانسانية. وعلى المعلم ان يدرك ان مهمته ليست كأي مهمة، فهو ليس موظفا عاديا، ان جوهر عمله هو السمو بالاجيال. فمهمته نبيلة عليه ان يحافظ على نبله ونبلها، واذا فقد المعلم هذه الصفة لم يعد للتعليم اي قيمة. من هنا تنبع مسؤوليته الشخصية ومسؤولية الحكومة عليه وسهرها على تلبية متطلاباته.

كل ما سبق له علاقة بجوهر الاشياء ولكن ما كان على المعلمين ملاحظته هو واقع الشعب الفلسطيني السياسي والاقتصادي، فهل يمكن في ظل الاوضاع التي جميعنا ندركها ان تلبى كل مطالبنا دفعة واحدة؟

صحيح ان الحكومة هي المسؤولة اولا وأخيرا عن توفير حياة كريمة ليس للمعلم فقط بل لكل مواطنيها، ولكن الا يرى المعلمون ان زميلهم في الوظيفة العمومية، على سبيل المثال قابض على الجمر وقابل بما يخصم من راتبه شهريا ولأكثر من عام، ليس لأنه لا يستطيع الاضراب ولكن لان المسألة الراهنة لها علاقة بأسر الشهداء والاسرى وبحصار إسرائيل المالي، لذلك هو صامت حتى تمر العاصفة.

ودعونا نشير بوضوح هنا ان المعلم ليس هو مشكلة التعليم الوحيدة. فالعملية التعليمية برمتها بحاجة الى إعادة تقييم بما في ذلك اداء المعلم ذاته. علينا ان نسأل انفسنا: هل العملية التعليمية الحالية تنتج الانسان او المواطن الذي نريد ونطمح ان يكون؟

هناك مشاكل عويصة تبدأ من غياب رؤية شاملة للمجتمع وبأي اتجاه يجب ان ينمو ويتطور، غياب هذه الرؤية يجعل اي عملية تقييم بلا معنى. نريد بل لا بد من تغيير المناهج ولكن بأي اتجاه يجب ان يتم التغيير.. هل الهدف ان نحصل على انسان معرفي يثق بنفسه وبعقله ويمكن تسويقه اقتصاديا وعمليا، ام نريد انسانا كميا لا نوعيا يتحول الى مشكلة وليس الى حل في المجتمع؟ وهل المعلم الحالي قادر على ان يتولى تدريس منهاج عصري متطور بحيث تتكامل العملية التعليمية؟ وبعد ذلك نسأل عن الميزانية المخصصة للنهوض بالتعليم، هل لدينا الموارد الكافية واذا لا نملك كيف يجب تأمين هذه الموارد لنحصل على تعليم يغير المجتنع وعقله نحو الافضل؟

على المعلمين إنهاء اضرابهم فورا لانه فقد شرعيته، وعلى الحكومة الا تتصرف وكأن المشكلة تنتهي مع عودة المعلمين للمدارس. ليتحمل كل طرف مسؤوليته، فلن نقبل بان يخسر تلاميذنا عامهم الدراسي.. كفى ثم كفى، وعلى القوى السياسية ألا تلعب في ملعب التعليم لتصفية حساباتها، اذهبوا وحلوا انقساماتكم، او تعاونوا على انهاء الانقسام قبل ان ينهار كل شيء على رؤوسنا.


اقرأ\ي أيضاً| الرجوب: “فتح” تعاملت بمسؤولية وطنية مع مطالب المعلمين لايمانها بعدالة هذه المطالب ولضمان نجاح العام الدراسي

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى