مقالات

خطة الليكود لتقسيم الأقصى

شعاع نيوز – الكاتب: عمر الغول – كنت انا وغيري نكتب عن تقسيم زماني ومكاني للمسجد الأقصى كمقدمة لتدميره وإقامة الهيكل على أنقاضه في خطوة لاحقة كاستنتاج لمجمل السياسات والانتهاكات الإسرائيلية الممنهجة خلال السنوات الماضية، الآن هناك مشروع خطة من النائب الليكودي عاميت هليفي لتقسيمه مكانيا وزمانيا، واسقاط الوضع التاريخي، وإلغاء الوصاية الأردنية عليه رسميا. هذه الخطة لا تعبر عن هليفي فقط، انما هي انعكاس لخطة حزب الليكود بقيادة نتنياهو الفاشي والفاسد، وهي جزء من برنامجه السياسي والأمني العسكري، ومن يعتقد انها منفصلة عن برنامج الليكود لا يرى اكثر من ارنبة انفه.

تتضمن خطة هليفي وهي السابقة الأولى في هذا الشأن وفق صحيفة “زمان يسرائيل” في السابع من حزيران / يونيو الحالي النقاط التالية: أولا السيطرة الكاملة على قبة الصخرة وتحويلها الى مكان عبادة لليهود الصهاينة، مضافا لها المنطقة الشمالية من باحات أولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين؛ ثانيا يسمح للمسلمين الصلاة في الحرم القدسي الشريف الجنوبي وباقي مرافقه؛ ثالثا السماح لليهود الصهاينة اقتحام الأقصى عبر كل البوابات، وليس من باب المغاربة فقط، وفق ما هو معمول به راهنا؛ رابعا الغاء الرعاية والوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة كليا، وبالتالي الغاء الاستاتيكو التاريخي؛ خامسا عدم الالتزام بما قررته اللجنة الأممية التي شكلتها عصبة الأمم في 1930، التي اكدت ان المسجد الأقصى المبارك من بابه الى محرابه الى حائط البراق يخص المسلمين فقط دون غيرهم من اتباع الديانات السماوية الثلاث؛ سادسا قلب حقائق التاريخ رأسا على عقب، وتلفيق رواية صهيونية كجزء من عملية التزوير لكل الرواية الفلسطينية العربية والإسلامية، وتكريس عملية الضم للقدس العاصمة الفلسطينية الأبدية.

ووفق رواية هليفي الكاذبة والمفضوحة، فإن السيطرة على قبة الصخرة، يعود لافتراضه ان الهيكل الأول والثاني موجود تحتها. ومضى في ذرائعيته الهشة واللامنطقية، والمتناقضة مع كل المعايير التاريخية والقانونية والدينية يدعي زورا وبهتانا، بأن الجانب الذي يضم المسجد الأقصى يضم قبة الصخرة وتحتها “حجر الشرب”، والذي بني عليه الهيكلان الأول والثاني، وان المساحة التي يراد ضمها للدولة الإسرائيلية الاستعمارية تشمل غالبية المنطقة الشمالية من باحات المسجد الأقصى. وأضاف متبجحا “سنأخذ الجزء الشمالي ونصلي هناك،” وتابع موغلا في ترهاته “جميع ساحات جبل الهيكل مقدسة لنا، وقبة الصخرة هو المكان الذي شيد عليه الهيكل،” وتابع بصلافة المستعمر المتغطرس “يجب ان نوضح بكل صراحة، وهذا سيكون تصريحا تاريخيا، دينيا وقوميا، إذا لم يحصل ذلك فلن تكون لنا سيادة على المكان، ولا مجال لليهود بالصلاة أصلا.” وزعم بوقاحة “ان الأقصى بناه يهود بابل، وأن حجارة المكان تدلل على ذلك.” ومَنّ على المسلمين، سيكون بإمكانهم الصلاة ان رغبوا بذلك”!


اقرأ|ي أيضاً| نائب من حزب نتنياهو يدعو لتقسيم المسجد الأقصى


وتعميقا لخطة هليفي، كتب اوري تسفي معمقا روايته العارية من الحقيقة “ان من يسيطر على الأقصى سيسيطر على جميع البلاد. فمن يسيطر على جبل الهيكل يحقق الانتماء الحقيقي لهذه البلاد”. وأضاف “من يسيطر على الجبل يربط بين الهوية اليهودية والثقافية.” وهذا مربط الفرس وبيت القصيد، وبالتالي لا بد من اختراع رواية تؤمن للاسرائيليين الفاشيين السيطرة الكاملة على فلسطين التاريخية من البحر الى النهر.

وهذه الرواية الاجلائية الاحلالية تعتبر استكمالا وتعميقا للرواية الناظمة للحركة الصهيونية وشعاراتها التاريخية، التي لا اساس لها من الصحة “ارض بلا شعب، لشعب بلا ارض.” و”ارض الميعاد.” وغيرها من التلفيقات والاسقاطات الاستعمارية، التي ارتكزت عليها كل أكاذيب الرواية الصهيونية لسحب البساط من تحت اقدام الشعب العربي الفلسطيني صاحب الأرض والتاريخ والموروث الحضاري في وطنه الام فلسطين، وتسيد إسرائيل اللقيطة على حقوقه التاريخية، لتشريع عملية النفي الكلي للفلسطينيين من ارض وطنهم، الذي لا وطن لهم سواه.

وكل ما ذكره هليفي وتسفي لا يمت للحقيقة بصلة لا من قريب او بعيد. لان يهود بابل، الذين اعادهم القائد الفارسي قوش، انما اعادهم لليمن، ولا يوجد وفق علماء الاثار الإسرائيليين من فنكلشتاين لغيره أية آثار لهم في فلسطين. واليهود الذين تواجدوا في فلسطين مجموعة صغيرة لم يتركوا اثرا عمرانيا واحدا لا في القدس ولا في الخليل ولا في أي بقعة من فلسطين التاريخية. والوثائق التاريخية والوضعية القديمة والوسيطة والمعاصرة من التاريخ تؤكد هذه الحقائق.

الان ما العمل؟ هل بقي على عيون الفلسطينيين والعرب قذى او غباش، ولم تتضح الصورة الجلية لاطماع القيادات الإسرائيلية الفاشية في فلسطين التاريخية؟ باختصار شديد، مطلوب منا إعادة نظر في آليات التعامل مع الدولة الإسرائيلية بقضها وقضيضها، وليس ضد حكومة الترويكا الفاشية. لان مشروع التهويد والسيطرة على الأرض الفلسطينية ماض بخطى حثيثة قدما نحو إقامة الدولة الإسرائيلية الكاملة على كل فلسطين؛ وعلى الكل العربي وقف الهرولة في عملية التطبيع الاستسلامي، واستعادة زمام الأمور من خلال التمسك الجدي والمسؤول بمبادرة السلام العربية بمحدداتها الأربعة وفق اولويتها كخطوة أولى، والتمسك بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والكف عن مطالبة الشعب والقيادة الفلسطينية بتدوير الزوايا، والتعامل بطريقة براغماتية اعلى، وأكثر واقعية؟ وهل هناك واقعية اكثر من واقعية القيادة الفلسطينية؟ وعلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكل الأقطاب الدولية وقف جرائم إسرائيل الفاشية، التي تهدد السلم والامن الإقليمي والدولي، وليس الشعب الفلسطيني ومصالحه الوطنية العليا فقط، والزام إسرائيل بدفع استحقاقات السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. 

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى