مقالات

من هم المستوطنون وما هي الأيديولوجيا التي تحركهم؟

من هم المستوطنون وما هي الأيديولوجيا التي تحركهم؟

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – تجاوز عدد المستوطنين في الضفة والقدس الشرقية الـ800 ألف، وهم يشكلون 18% من سكان الضفة (575 ألف مستوطن) وفي القدس الشرقية يقاربون الـ35% (225 ألف مستوطن)، ويبلغ عدد المواطنين الفلسطينيين في القدس ما يزيد 340 ألف نسمة. الغالبية العظمى من المستوطنين هم من اليهود المتطرفين دينيا وصهيونيا، وفي السنوات الأخيرة أصبحت الصهيونية الدينية وأحزابها بقيادة كل من سموتريتش وبن غفير الاتجاه الطاغي، وهناك نسبة أقل هم من اليهود المستثمرين في مجالات البناء والصناعة والزراعة وحتى في مجالات الهايتك.

ولكي لا نستطرد في التحليل، الذي قد يضلل القارئ، فإن الاستيطان هو جوهر الصهيونية وركنها الأساس، وأحد أهم العوامل لديمومتها، فصهيونية دون استيطان وتوسع وهجرة تفقد جوهرها وطبيعية تكوينها الكولونيالية. ومن المهم أن ندرك ان االبدايات الأولى للاستيطان بدأت في فلسطين العام 1882، وتسارع مع الصهيونية السياسية ومع تطور تنفيذ المشروع الصهيوني على أرض فلسطين بدعم من الاستعمار العالمي، ومنذ ذلك التاريخ لم يتوقف الاستيطان ولم تنجح المحاولات حتي يتجميد نشاطاته وليس وقفه. وفي الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في حرب حزيران/يونيو 1967، بدأت حكومات حزب العمل من اليسار الصهيوني الاستيطان وفقا لخطة يغال الون صاحب شعار “أرض أكثر وسكان أقل” فقد ركزت خطط الون على الاستيطان في المناطق الاستراتيحية. وفي المناطق الأقل سكانا أو الخالية من السكان، في المناطق المحيطة بالقدس والخليل وفي منطقة الأغوار.

هذه السياسة استمرت حتى العام 1977، فبعد فوز حزب الليكود وتشكيله الحكومة للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل، أصبح الاستيطان متاحا في كل الضفة وغزة والقدس الشرقية دون أي تحفظات، وبالفعل أصبحت كل الأراضي الفلسطينية المحتلة متاحة أمام الاستيطان. أما الانعطافة والانطلاقة الأكبر بدأت عام 1980 بعد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وخروج أقوى واهم دولة عربية من الصراع. وفي ذلك العام أعلنت إسرائيل ضم القدس الشرقية وضم هضبة الجولان، وتم نقل المسؤولية على الأراضي الفلسطينية من الادارة العسكرية الى “الادارة المدنية”، كما شكل المستوطنون “مجلس المستوطنات” بهدف مقاومة خطة الحكم الذاتي التي وردت في المعاهدة.

تواصل الاستيطان وتكثف في السنوات الأخيرة، خصوصا خلال إدارة الرئيس الأميركي ترامب (2016- 2020)، التي خلالها اعلن ترامب بأن القدس “عاصمة للشعب اليهودي”، ودعم ضم إسرائيل للجولان، وكادت إسرائيل تمرر مخطط ضم الأغوار والكتل الاستيطانية. اليوم وفي ظل حكومة اليمين الفاشي وتسليم “الادارة المدنية” للمتطرف سموتريتش تجري عملية ضم تدريجية للمستوطنات عبر تطبيق القانون الإسرائيلي فيها.

الأخطر بين كل هذه التطورات هو تشكيل ميليشيا مسلحة من المستوطنين بهدف اشعال الضفة بحرب أهلية وتنفيذ عمليات تطهير عرقي خصوصا في المناطق المصنفة “C” في اتفاقات أوسلو. وفي هذا الاطار تقوم إسرائيل عبر هذه الميليشيات، التي تأخذ دورا مشابها لدور العصابات الصهيونية شتيرن والأرغون ولحي خلال حرب عام 1948، تقوم إسرائيل بعمليات جس نبض لردات فعل المجتمع الدولي تماما كما حصل في بلدة حوارة جنوب نابلس عندما احرقت هذه الميليشيات عددا من المنازل والمحلات وسيارات المواطنين الفلسطينيين في البلدة في شباط/ فبراير الماضي.


اقرأ|ي أيضاً| فاينانشال تايمز: ارتفاع وتيرة اعتداءات المستوطنين بالضفة


المستوطنون هم القوة الضاربة للمشروع الصهيوني والاداة التوسعية له، الفارق في طبيعة الدعم الذي تقدمه التيارات والأحزاب الصهيونية، هو فارق تكتيكي ولكن لن يوافق أي منها على وقف الاستيطان، لأن وقفه يعني بداية النهاية لهذا المشروع الكولونيالي. ومن جانبنا فإن وقف الاستيطان وانهاء الاحتلال هو الهدف المركزي لشعبنا الفلسطيني، وفي اللحظة التي نحقق فيها هذا الهدف ستكون أمور كثيرة تغيرت، أبرزها طبيعة النظام الدولي وميزان القوى فيه يسمح بتغير المعادلات في العالم ومن ضمنه الشرق الأوسط، وعالم عربي متضامن مع ذاته يصر على وضع نفسه كقوة في النظام الدولي الجديد ومخلص لقضيته المركزية.

اما العنصر الرئيسي في كل المعادلات هو الشعب الفلسطيني، وقدرته وقدرة مقاومته على فرض نفسه كلاعب قوى في المعادلات الدولية وهذا لا يمكن تحقيقه إلا اذا كان الفلسطينون موحدين ويمتلكون استراتيجية موحدة وقرارهم الوطني بأيديهم.

كل المعطيات الراهنة تشجع إسرائيل على المضي قدما في مخططاتها التوسعية عبر سياسة الاستيطان والضم التدريجي. وإذا أردنا ان يتغير العالم من حولنا لما فيه مصلحة القضية الفلسطينية، علينا أن نبدأ بأنفسنا. فلا يمكن انتظار أي تضامن دولي وعربي قبل أن نكون موحدين وفاعلين على الأرض في مقاومة الاحتلال، عبر مقاومة منظمة بعيدة عن الفوضى والارتجال، وعبر دبلوماسية نشطة على الساحتين الإقليمية والدولية.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى