مقالات

تصاعد وتيرة الجريمة داخل الخط الأخضر.. تهديد خطير

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – بلغ تصاعد الجريمة في المجتمع الفلسطيني داخل الخط الأخضر مستويات خطيرة جدا، بل ويشكل تهديدا وجوديا، فالمجتمع الذي يعيش حالة خوف ورعب مهدد بالهجرة والتهجير الناعم. في أول أيام عيد الأضحى قتل 5 أشخاص في إطار الأعمال الإجرامية البشعة، هناك حاجة لأن ينتفض كل المجتمع في الداخل في وجه هذه الظاهرة الخطيرة، فالصمت والانكفاء أمامها ستكون لهما نتائج سلبية على وجود المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل.

المسألة الأولى التي يجب إسقاطها من قاموسنا هي أن نكتفي بلوم المؤسسة الإسرائيلية، ونقول إنها مؤامرة تحيكها الدوائر الحكومية الإسرائيلية، فلا خلاف فنحن ندرك أن هذه الدوائر تتمنى أن تغمض عينا وتفتح أخرى ولا ترى اي فلسطيني في الجليل وحيفا وعكا، ولا في المثلث ويافا والنقب. المسألة الثانية أن نبقى نحلم بأن تأتي الحلول من الدولة وحدها. فكيف يمكن المراهنة على العدو الذي يرغب في اجتثاثنا من هذه الأرض

من هنا نحن بحاجة لحلول تنبع من داخلنا، أن نقوم نحن بعمل منظم وكثيف لمواجهة ظاهرة الجريمة.

وفي لغة الأرقام نلاحظ أن 110 فلسطينيين قتلوا منذ مطلع العام الحالي جراء انتشار العنف وظاهرة الجريمة، إنه رقم تقشعر له الأبدان، ويثر الخوف والرعب، فلم يعد أحد آمنا، وهو مؤشر على تراجع الوعي وتماسك المجتمع وتضامنه وتكافله، وفي المحصلة نخرج باستنتاج أن المجتمع الفلسطيني في الداخل يمر بمنعطف خطير وقد يكون الآتي أسوأ مما نعتقد.

إن المسؤولية تقع على القوى السياسية وقادة هذه القوى. عليهم أن يسألوا أنفسهم: هل نقوم بما يكفي في مواجهة هذا الخطر؟ وهل نستخدم الطرق والأساليب الصحيحة في المواجهة؟ وهل لدينا إرادة وقرار واضح لمواجهة هذه الظاهرة؟ ربما على هذه القوى وهذه القيادات أن تتفرغ كليا وتعطي الوقت كله لهذه المهمة.

أما إسرائيل فيجب أن تتحمل مسؤولية سياساتها العنصرية أمام العالم، فهذه الظاهرة الخطيرة لها جذر واحد هو عنصرية الدولة، فهي دولة تقوم أساسا انطلاقا من فكرة عنصرية بل فكرة شريرة فيها الإقصاء والتهميش والتطهير العرقي أساس لتشكل الدولة، لذلك هي لا ترى حلا سوى الحل الأمني، مثل إقحام جهاز الشاباك ومضاعفة أعداد الشرطة. وهي تتغاضى عن القوانين العنصرية، ولا ترى أن المساواة حل، ولا التمتع بالفرص ذاتها والحقوق ذاتها ولا في نمط التعليم ومستواه وطبيعته حل الواقع صعب، وهو نتاج تراكم عمره 75 عاما من السياسات والقوانين العنصرية، والأحكام العسكرية، ونتيجة لتعامل الدولة المرعب مع المواطن الفلسطيني باعتباره “عدوا في الداخل”، إنه مجتمع يرزح تحت سياسة عقابية طوال الوقت مضافا إليها التهميش والإقصاء بكل أشكالهما البشعة. ولكن مع كل ما ذكر وهو ثقيل ومريع، فإن هناك مسؤولية تقع على عاتق المجتمع ذاته، هذا المجتمع الذي أنتج يوم الأرض، الذي كرس وعزز الهوية الوطنية، وله إبداعات شعرية وقصصية وثقافية وفنية، كانت وراء تماسك الشعب الفلسطيني أينما وجد، هكذا مجتمع عظيم لن يعجز عن إيجاد الحلول والتصدي بذكاء وحزم لهذه الظاهرة عبر تعميق الوعي الخاص والعام.


اقرأ|ي أيضاً| تفشي الجريمة بين الفلسطينيين داخل الخط الأخضر


لا بد من الخروج من دائرة التراخي والمراهنة على الدولة العنصرية. بالتأكيد هناك قوى يهودية ليبرالية ويسارية يمكن التعاون معها وتشكيل جبهة ضغط على الحكومة الإسرائيلية، بهدف تخفيف سياساتها العنصرية والإقصائية، كما على أعضاء الكنيست العرب مهمة ملحة لها الأولوية القصوى، وخصوصا بما يتعلق بميزانيات تطوير البلدات والمدن والقرى العربية، أو في منع سن قوانين أكثر عنصرية وتطرفا.

النضال من أجل المساواة لا بد أن يوازيه نضال لتعميق الوعي والهوية، عبر خلق نشاطات وفعاليات عامة يشارك فيها الجميع، والعمل على إصلاح ذات البين، والتصدي بشكل شامل لظواهر أخذ القانون باليد. وظاهرة الثأر سيئة الصيت والتي تخلق العداوات والأحقاد.

ولتنفيذ هذه الخطوات لا بد من أن تتوقف الأحزاب السياسية عن مناكفاتها الجانبية وتتقفق فيما بينها على أولوية مواجهة العنف والجريمة، لا أحد مهم إذا استفحلت ظاهرة العنف والجريمة، فالمجتمع المتفكك لن ينجح في فرض المساوة واحترام الكرامة، والأهم فرض المشاركة السياسية الحقيقية للعرب الفلسطينيين في إسرائيل.

المهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة، فهناك الكثير من النقاط الإيجابية في المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل يمكن أن تسهل مهمة مواجهة العنف والحد منه وإنهاءه في المستقبل. وحدة المواجهة والتضامن الشعبي الشامل كفيلة بوضع حد للخارحين عن القانون وعن الأصول في العلاقة بين بني البشر.

 

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى