مقالات

لماذا يريد نتنياهو اجتثاث فكرة الدولة الفلسطينية؟

لماذا يريد نتنياهو اجتثاث فكرة الدولة الفلسطينية؟

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – بسبب العدوان الإسرائيلي على جنين ومخيمها أجلت كتابة هذا المقال قليلا، وهنا أود فقط التذكير أنه قبل عيد الأضحى كشف نتنياهو الموقف الحقيقي لإسرائيل من مسألة الدولة الفلسطينية، وقال بمنتهى الوضوح والوقاحة “إنه يجب العمل من أجل اجتثاث فكرة الدولة الفلسطينية”، إن لم يكن هذا الموقف يمثل كل الطبقة السياسية الإسرائيلية، فأغلبها على الأقل، الفارق أن نتنياهو يعمل على منع قيام دولة فلسطينية بالقول والفعل، والآخرين يقومون بذلك بالفعل دون القول. فالصهيونية لا تقبل بوجود شعب فلسطيني له حقوق سياسية، وتحديدا حق تقرير المصير، وتمثل لحظة قبولهم لهذه الحقيقة نهاية للصهيونية التي نعرفها منذ أن تأسست رسميا عام 1897، على يد هرتزل.

فهذه الصهيونية قامت بالأساس على فكرة أساسية هي التنكر التام لوجود الشعب الفلسطيني، وبدأت تسللها إلى فلسطين عبر الشعار المعروف “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” هذا الموقف بقي واضحا حتى حرب تشرين الاول/ أكتوبر عام 1973، بعد هذه الحرب بدأت عملية التفاوض مع إسرائيل استنادا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242، والذي ينص على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في حرب حزيران/ يونيو 1967، منذ أن بدأت عملية التفاوض بدأت المناورات الإسرائيلية حول مسألتين أساسيتين، الأولى عدم الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبالتحديد الضفة الغربية، والثانية عدم الاعتراف بالشعب الفلسطيني كشعب يمتلك الحق بتقرير مصيره فوق تراب وطنه التاريخي. من هنا جاء اتفاق الحكم الذاتي للسكان الفلسطينيين، في إطار معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1978.

لقد أخذت إسرائيل من هذه المعاهدة سلاما مع مصر دون أن تتخلى عن المكون الأساس للصهيونية وهو عدم الاعتراف بالشعب الفلسطيني.

كما لم تنص اتفاقية الحكم الذاتي عن أي موعد محدد لانسحاب إسرائيل من الضفة وأبقت المسألة معلقة لمفاوضات لاحقة بين فلسطينيي الأرض المحتلة وإسرائيل، وهو أمر لم يحصل أبدا.

وخلال مفاوضات مؤتمر مدريد لم توافق إسرائيل لمرة واحدة على وقف الاستيطان، وهو الشرط الضروري لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، لقد تواصلت المفاوضات لأكثر من عام ونصف دون أن تتخلى إسرائيل عن مبدأ الاستيطان.

ومثل اتفاق إعلان المبادئ عام 1993، اتفاق أوسلو أول اختراق عندما اعترفت حكومة رابين- بيرس بالشعب الفلسطيني لكن الاتفاق لم ينص على وقف الاستيطان ولا حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، كما لم ينص بشكل واضح على إقامة دولة فلسطينية مستقلة إنما بقي الأمر متروكا لتلميحات يمكن أن يفهمها كل طرف على طريقته. وغلاة الصهاينة اغتالوا رابين عام 1995 كي لا تتحول التلميحات إلى دولة فلسطينية فعلية، ومنذ ذلك التاريخ وإسرائيل تقوض عمليا فكرة الدولة.

كل ما فعله نتنياهو عشية عيد الأضحى أنه كشف عن الأمر الذي يعرفه كل فلسطيني، ومما يزيد من الطين بلة أننا لم نسمع كلمة انتقاد واحدة في إسرائيل، فما الذي يعنيه ذلك؟ والأمر الأخطر أن المجتمع الدولي لم يتخذ موقفا حازما وواضحا من تصريحات نتنياهو، ما يقود إلى الاعتقاد أن حديث الدول الكبرى عن حل الدولتين هو مجرد نفاق، ومثابة إبر تخدير للشعب الفلسطيني.

موقف نتنياهو، وموقف ورياء المجتمع الدولي يشير إلى أننا لا نزال نعيش في المربع الأول للصراع، والذي يعني أن إسرائيل متمسكة بصهيونيتها المتطرفة، وإنكارها لحقوق الشعب الفلسطيني. وما يفهم بين سطور تصريح نتنياهو أن الحل الوحيد المقبول هو الحل الاقتصادي، وهو ما يؤكد أن الفلسطينيين هم في نظر إسرائيل مجرد سكان منزوعي العلاقة مع الأرض، وما هو مسموح لهم أن يأكلوا ويشربوا مع بعض الخدمات حتى إشعار آخر، وحتى تقرر إسرائيل لهم غير ذلك. ودعونا نراجع معا الوثائق البريطانية التي أفرج عنها مؤخرا، والتي كشفت أن شارون كان يخطط عبر خطة الانسحاب من غزة إلى تقسيم الفلسطينيين وتفويت أي فرصة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية.

نتنياهو ومنذ أن فاز بالانتخابات أول مرة في ربيع العام 1996، وهو يعمل على تقويض اتفاقيات أوسلو ومنع أي تطور قد يفضي إلى كيان فلسطيني مستقل قائم بذاته. واليوم مع وجود حلفاء أكثر يمينية وفاشية منه في الحكومة الإسرائيلية، فإنه هو وهم يحملون المعاول ويتركون أداة التدمير العسكرية والأمنية الإسرائيلية تتحرك شمال وجنوبا، شرقا وغربا والهدف تدمير فكرة الدولة الفلسطينية.


اقرأ\ي أيضاً| “الخارجية”: رفض نتنياهو إقامة دولة فلسطينية حماية سياسية لإرهاب المستوطنين

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى