مقالات

كيف يمكن أن نوقف الحرب؟

كيف يمكن أن نوقف الحرب؟

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – قبل ايام صوتت 120 دولة في الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة لصالح قرار يدعو الى  هدنة انسانية في قطاع غزة وإدخال المساعدات من ماء ودواء واغذية وخيام،  القرار لم يتضمن وقفا شاملا للحرب انما الوقف المؤقت، هدنة إنسانية لساعات او ايام قليلة. وعندما نسمع المتحدثين في مجلس الامن تلاحظ ببساطة رغبة غالبية الدول في ضرورة فرض هدنة انسانية على الاقل وعدد اقل يطالب بوقف فوري  للحرب. وفي الشارع تزداد المظاهرات المنددة بالجرائم الإسرائيلية والمتضامنة مع الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة وتطالب بالحرية لفلسطين، وتمتد هذه المظاهرات وتجوب معظم عواصم الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة الأميركية وكندا، ومع ذلك تواصل إسرائيل الحرب بوحشية وتمارس عملية تطهير عرقي امام اعين العالم.

والسؤال، والحالة هذه،  كيف يمكن ان نوقف الحرب؟ من الواضح ان قرار وقف الحرب، كما في محطات كثيرة سابقة،  هو الى حد كبير بيد واشنطن، وهذه الاخيرة لا تزال تدعم بقوة الموقف الإسرائيلي في مواصلة الحرب بلا هوادة، بل وتمنع كافة المحاولات الاخرى لوقف القتال او حتى فرض هدنة انسانية مؤقتة، وفي ظل دخول بطيء جدا للمساعدات. ما يشير ان الحرب قد تطول كثيرا وربما لعدة شهور.

ومن التجارب القديمة والمشابهة، فإن إسرائيل ستحصل على وقت طويل  الذي تحتاجه في محاولة لتحقيق اهدافها او معظمها، وفي الحالة الراهنة قد تصل الاهداف الى اخراج قطاع غزة من القضية الفلسطينية لفترة طويلة من خلال محاولة تشريد المواطنين الفلسطينين الى خارج القطاع. الوضع خطير والقتل والتدمير مستمر وبوحشية وهمجية لا سابق لها،  من هنا ضرورة وقف الحرب فورا.

دعوة الرئيس محمود عباس لقمة عربية طارئة بهدف وقف الحرب تمت الاستجابة لها والقمة ستعقد في 11 تشرين الثاني الجاري، لكن من الآن وحتى ذلك التاريخ (عشرة أيام) سيكون قد استشهد آلاف الفلسطينين وجرح آلاف آخرين ودمرت آلاف الوحدات السكنية وهجر عشرات الآلاف، وربما تقدمت إسرائيل في عدوانها البري وفرضت واقعا لا يمكن تجاوزه، مرة اخرى ما العمل وكيف نوقف الحرب؟

ولم يعد الحديث عن تشريد الفلسطينيين من قطاع غزة مجرد تسريبات إسرائيلية، بل ان  جون كيربي مسؤول الاستخبارات العسكرية في مجلس الامن القومي الأميركي بدا بالتحدث علنا عن اتصالات مع مصر لفتح ممرات آمنة لمن يريد النزوح من مواطني غزة الى مصر مؤقتا،  الا ان القاهرة ترفض رفضا باتا مثل هذه الاقتراحات. ربما علينا ان نراقب باستمرار هذه التصريحات والتسريبات والتي تتدحرج  بالتوازي مع الاعمال العسكرية فهي مؤشر خطير لما قد يحدث في مراحل متقدمة من الحرب عندما تصبح الكارثة الانسانية في ذروتها، كما يجب ان نراقب ما يجري على الارض، حيث يتم تشريد وترحيل الناس في غزة جنوبا وفي كل يوم يمر تتفاقم الاوضاع ويزداد النزوح ولا يمكن توقع ما قد يحصل بعد اسابيع وليس شهورا.

مجلس الامن مشلول والامم المتحدة مشلولة، وضغط الرأي العام الدولي وان  بدا يلامس آذان اصحاب القرار لكنه لا يزال بعيدا من ان يؤثر على قراراتهم خصوصا في الولايات المتحدة والدول الاوروبية، وبالامس فقط أقال رئيس الوزراء البريطاتي سوناك احد مساعدي وزرائه لانه طالب بوقف اطلاق النار. الدول الكبرى الأخرى لا تزال في مربع الكلام اللفظي وتناكف بعضها بعضا دون ان يكون فعلها ملموسا في وقف الحرب.

المبادرة لوقف الحرب لن تصبح ذات اثر الا بتشكيل حلف دولي من كافة الدول الجادة في مسعاها لوقف الحرب، حلف من خمسين او ستين دولة، الدول العربية مع جنوب أفريقيا والبرازيل ودول آسيوية مثل ماليزيا وباكستان وتركيا وكازخستان، ودول اوروبية ومن اميركا اللاتينية وأفريقيا، واذا استطعنا ضم دول من  الـ 120 التي صوتت في الجمعية العامة لصالح وقف اطلاق النار لأسباب انسانية، كل هذه الدول تشكل تحالفا من اجل السلام.

وربما نكون وبموازاة ذلك بحاجة الى  إطلاق مبادرة سياسية  فلسطينية بسرعة نقدمها الى هذه الدول والعالم، مبادرة تتضمن وقف اطلاق النار فورا، وادخال المساعدات، وإعادة اعمار غزة وتبني الاقتراح الاسباني لعقد مؤتمر دولي خلال اشهر من اجل تنفيذ حل الدولتين مع ضمان امن جميع دول المنطقة على اساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، مبادرة توقع عليها كافة التنظيمات الفلسطينية دون استثناء  مع موقف  واضح بنبذ العنف، وتقدم لمجموعة الدول المشار اليها وتصبح مبادرة جماعية.

قد يكون هناك افكار اخرى ولكن لا بد من العمل فورا دون تأخير لان كل دقيقة تمر يزداد الخطر على القضية الفلسطينية ومستقبل الشعب الفلسطيني، لنبادر الآن وننزع حجج إسرائيل لاستمرار الحرب.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى