مقالات

الوطني العقلاني.. وحقل الألغام الفئوي!

شعاع نيوز – الكاتب: موفق مطر – متى سيدرك “المتثعلبون” المخادعون ان الوطني الفلسطيني لا ولن يسقط في هدف مناوراتهم الكلامية والعملية ايضا؟ ومتى سيعلمون ان الدماء الوطنية التي ينبض بها قلبه هي التي تغذي دماغه وحواسه، وبها يستقوي على الشدائد والمصائب والنكبات ببصيرته الثاقبة، البعيدة المدى؟؟ وإذا سألوا عن سر مناعته وقوته، فالأمر جلي واضح هو استقلالية القرار الوطني، ذلك أن الوطني لا يؤجر عقله وإرادته، ولا يسمح لكائن من كان بأن يوظفهما لمصالحه الخاصة.

الوطني متيقظ، حذر، متمركز في مركز دائرة المبادئ الوطنية، لكنه مدرك وعارف بتفاصيل كل نقطة في محيطها سواء في الدوائر القريبة او البعيدة حتى لو كانت بسعة العالم، لذا يعجز المخادعون، ويخسأون، وترتد عليهم محاولات التفافهم عليه، للنيل من لسانه ومنطقه وفكره وسلوكه، ذلك أن عقله الوطني الواصل بين قطبي الدنيوي المادي الملموس والسماوي الروحي، يمنحه امتياز التفوق بالرؤية الصائبة والتقدير الصحيح، على عكس الفئوي، الذي لا يرى أبعد من اللحظة الزمانية والمكانية الفاصلة ما قبل وما بعد الزوال –أي ظله تحت قدميه فقط-. وخلاف الوطني، الفئوي الذي يسهل على صناع الفتن استدراجه الى مربع صراعات داخلية، في زمن اصطفاف الشعب كل الشعب في جبهة تحد وطنية لمواجهة خطر وجودي داهم لا يفرق بين فلسطيني وآخر، فهذا الفئوي القاصر عقله –إن وجد- على كيفية الحفاظ على مكاسبه الخاصة، ومصالحه حتى لو كان ثمنها تدمير مقدرات الشعب البشرية الانسانية والمادية، وانهيار ركائز البيت الفلسطيني على كل حي تحت سقفه.

الوطني لا يستجدي -كما اكد ذلك وبعمق الفكرة والمبدأ- الناطق باسم رئاسة دولة فلسطين، المناضل نبيل ابو ردينة –عندما جدد تأكيده على الملأ وبوضوح، أن قيادة الشعب الفلسطيني الوطنية الشرعية لا تعول على من كانوا وما زالوا أسباب نكبة ومعاناة الشعب الفلسطيني، ولا على من يوفرون الغطاء المادي والسياسي، ويمنعون الشرعية الدولية من تطبيق قوانينها وإرادتها وقراراتها، لأن الوطني قارئ بدرجة امتياز للحقائق والوقائع التاريخية، وقارئ بنفس الدرجة للحاضر، وقارئ بأقصى درجات الحكمة والعقلانية المعرفية العلمية للمعادلات الأصعب التي يواجهها الشعب الفلسطيني في المراحل الأدق في طريقه نحو الحرية والاستقلال والسيادة. فالوطني يمضي ببطء ما دام قادرا على تحقيق البلوغ بالشعب نحو الهدف الوطني. وهكذا ينتقل للهدف الآخر.. لذلك لا يعول الوطني إلا على ارادة الشعب، على ايمانه وتمسكه بارضه وحقه التاريخي، وبقراره المستقل، الحافظ لهويته الوطنية، والضامن لتحقيق اهدافه وطموحاته، وآماله.

أما الفئوي فمستعجل ومتسرع، يحشد الجماهير بالخطابات النارية المنبرية، الهوائية المباشرة، ويدفعها نحو ميادين ظنها مفتوحة على مصارعها، فيذهب بمصائر جماهير سمعت له الى المجهول، ولا يستمع لحكمة او نصيحة، ولا يتعظ من التجارب، إلا بعد وصوله مركز حقل الالغام، اي الشرك الأعظم المنصوب أصلا للجماهير الفلسطينية التي هي جزء لا يتجزأ من الكل الوطني، وهي التي تبقى كرامتها وحريتها وتخليصها من (كمين الابادة وحقل الغامه) حاضرة ابدا في دائرة بصيرة الوطني اللا محدودة، أما ذاك الفئوي، فإنه لا يستحي، ولا يردعه ضمير، فينطق بما هو اشد من الكفر، بأن ارواح ودماء الأبرياء ليست مهمة، ما دام رأسه ورؤوس جماعته سليمة!!

يعض الوطني على الجرح، ولا يلتفت للاتهامات ومنشورات الطابور الخامس في وسائل وأدوات الكذب والدعاية المسمومة، ولا تؤثر على مستوى تركيزه الحسي والعقلي والتفكير لإبداع انجع السبل لإنقاذ الشعب من نيران حملة الابادة، ولا يسمح له ضميره بوجهيه الفردي والجمعي بالانشغال عن مبدأ حماية الشعب الفلسطيني، ولا يسمح بخرق لو بمقدار زاوية واحدة من الثلاثمئة وستين درجة في جدار الوحدة الوطنية، وجدار المصير الواحد للشعب الفلسطيني، وجدار الحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني وثوابته الوطنية، وجدار قراره الوطني المستقل، لأن مصير المشروع الوطني الفلسطيني، أي الكيانية السياسية للشعب الفلسطيني، وتعزيز العمل على تثبيت دولة فلسطين في خريطة العالم الجغرافية والسياسية، تطلب تضحيات عظيمة بذلتها وقدمتها حركة التحرر الوطنية الفلسطينية بفضل العطاء اللا محدود من الشعب الفلسطيني، لذلك لابد من الوفاء للتضحيات بالحفاظ على الانجازات الوطنية وتطويرها، والاستمرار بانتزاع حقوق الشعب الفلسطيني بأقصى درجات الحكمة والواقعية السياسية القائمة على ايمان راسخ بقدرة الشعب على الصمود والثبات في ارض وطنه، وصد مؤامرات النكبة الثانية، بالتوازن والتوازي بين كفاح ونضال وطني ومقاومة شعبية سلمية مشروعة، وبين نضال سياسي ودبلوماسي وقانوني في المحافل الدولية، بالارتكاز على تحول نوعي ايجابي لدى شعوب وحكومات دول العالم في الرؤية للحق الفلسطيني، فمهمة الوطني الحقيقي، اطفاء نار محرقة الابادة الاستعمارية الصهيونية المستعرة منذ أكثر من مئة عام، بدرجات متفاوتة من المجازر والمذابح بحق اجيال من اطفال الشعب الفلسطيني، كما نشهد تصاعد خطها البياني اليوم!

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى