مقالات

ما الذي يحتاجه الشعب الفلسطيني في غزة؟

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – قد يبدو السؤال ساذجا بعض الشيء، لأن الشعب الفلسطيني الذي يعيش في قطاع غزة اليوم هو بحاحة لكل شيء. الماء والكهرباء، الغذاء والرعاية الصحية والنفسية، والاهم هو بحاجة الى الهدوء بعد اكثر من شهر ونصف. هو يعيش حالة من الخوف والقلق والتوتر الشديد والفقدان وفي ظل اصوات الطائرات والقصف الرهيب بلا توقف. هو بحاجة للاستقرار بعد ان شرد اكثر من نصف سكان غزة من بيوتهم واصبحوا يعيشون في الخيام وعلى الارصفة وفي غرف مقتظة في المدارس او عند الأقارب والاصدقاء.

الإجابة الاقرب للواقع هو رؤية الواقع كما هو، فمن الناحية العملية فإن شمال قطاع غزة هو تحت الاحتلال الإسرائيلي، صحيح ان بعض الاحياء لم تدخلها الدبابات الإسرائيلية بعد، ولكن ما اثبتته الهدنة ان إسرائيل باتت تتحكم به وتحاصره وتمنع السكان من العودة وتسمح او لا تسمح بالمعونات والمساعدات الغذائية ان تدخل او لا تدخل. هذا بالاضافة الى ان اكثر من 60% من الشمال مدمر ولا خدمات فيه من اي نوع، ولا مستشفيات او بنى تحتية، كما شرد ما يقارب المليون من سكانه، ولا يستطيعون العودة اليه لان جيش الاحتلال يمنعهم رغم الهدنة.

وفي الوسط والجنوب هناك تخوف وقلق شديدان من توسع الدمار والاحتلال الإسرائيلي الى مناطقهم المقتظة بالسكان، بالإضافة الى ما تم فيها حتى الآن من دمار وهم ايضا بلا كهرباء ولا ماء. وهناك خوف حقيقي من انتشار الاوبئة والامراض السارية ويصبح الناس امام خطرين ومأساتين، فتك الالة العسكرية المتوحشة والموت من الاوبئة.

ولو سألنا اليوم اي مواطن غزاوي عما يريده ويحتاجه لكانت الاجابة الاولى نحتاج الهدوء، وقفا دائما لوقف النار، وان لا نعود لاي جولات اخرى من القتال، وبعدها تحرير شمال غزة من الاحتلال كي يسمح لهم بالعودة، صحيح ان اكثر من نصف السكان اصبحوا بلا مأوى ولكن المواطن يريد العودة الى المكان الذي يألفه وعاش فيه وله هناك ذكريات وأصدقاء وأحباء. الحاجة الثانية هو ضمان ان لا تتكرر النكبة فالقطاع واقعيا وعمليا يعيش في نكبة حقيقية بشعة، ما يقارب من 20 الف شهيد، و38 الف جريح، ومليون مشرد، واكثر من نصف المساكن مدمر كليا او جزئيا، وبدون خدمات وبنى تحتية ولا ماء ولا كهرباء.

الموطن في غزة يرغب بالاستقرار ويرغب بالحياة ولا يريد بأي شكل اي كارثة اخرى، ولا جولة قتال اخرى لم تجلب له سوى الدمار والخراب ومزيد من الفقر العوز، والاهم من ذلك المواطن في غزة لا يريد استمرار الانقسام، فقد عاش فصوله البشعة والقاسية، فمنذ الانقسام الذي فرضته عليه حماس وهو يعيش كارثة متتالية ومسلسل من القتل والدمار والقهر. المواطن في غزة يريد ان يكون جزءا من الدولة الفلسطينية الفلسطينية وليس امارة منشقة تخدم اجندات خارجية حتى لو استخدمت لأغراض وطنية.


اقرأ|ي أيضاً| تعمق الإرهاب وبركان الانفجار


الغزاوي لا يريد هدنة يليها جولة اخرى من القتال. هو يريد ان يكون قطاع غزة جزءا من حل سياسي من عملية سياسية تقود الى الدولة الفلسطينية، اليوم ما يراه الغزاوي ان الاحتلال عاد الى القطاع وقد يمتد من الشمال الى الوسط والجنوب، هو يريد وقف هذا التمدد وتحرير شمال القطاع، فالحل هو وقف اطلاق نار وليس هدنة وقف يكون جزءا من رؤية سياسية تقود لانهاء الاحتلال في غزة والضفة والقدس، من هنا اهمية ان يأتي وقف اطلاق النار من مجلس الامن الدولي مع هذه الرؤية السياسية، وليس ترتيبات مؤقتة لهدنة او وقف مؤقت للنار بين اطراف، لان مثل هذه الترتيبات والهدن المؤقتة قد ثبت فشلها، واكثر من اختبرها الغزاوي الذي يدفع اليوم ثمنا باهظا لها.

ان تجاهل معاناة الشعب الفلسطيني في غزة اليوم هو جريمة حرب لا تقل بشاعة من حرب الابادة التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي، هناك من يحاول تهميش هذه المعاناة لمصالحه الفئوية وتقديم ادعاءات لا صلة لها بما يعيشه الغزاوي من كارثة، ان كل شيء يجب ان يبدأ من الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في غزة والذي يجب وقف معاناته لكن ضمن افق سياسي يقودنا لحل الدولتين. ونحن ننظر الى قطاع غزة لانه يعيش النكبة الاخطر، فان العين الاخرى يجب ان تسلط على ما يجري في الضفة، لانه لا يقل من حيث المضمون خطورة عما يجري في غزة، باستثناء درجة الدمار المباشر، لذلك يمكن إعادة صياغة السؤال بطريقة اخرى، ما الذي يحتاجه الشعب الفلسطيني في هذه اللحظة؟

وقف العدوان الإسرائيلي في غزة والضفة فورا والربط بين المسألتين ضمن قرار دولي يصدر عن مجلس الامن ويقود الى حل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى