مقالات

أسلحة القائد السياسي

الكاتب: موفق مطر/ شعاع نيوز: عندما يكون المرء سياسيًا وقائدًا وصاحب حق, ويدرك أن قرارًا ما سينعكس كارثة على مصير ومستقبل الشعب, ويضع المصالح العليا للشعب في المقام الأول وقبل أي اعتبار شخصي أو فئوي أو حزبي، ستراه قائدًا سياسيًا عقلانيًا واقعيًا، يمضي وفق حسابات علمية معرفية دقيقة لعناصر الصراع مع الباطل باعتباره ممثل الحق والخير، ولأن السياسة بالنسبة له معادلات صعبة جدًا، لا يدرك حلولها إلا من اتخذ التفكير والتحليل المنطقي، ومعرفة جوهر عناصر المعادلة ونقاط التأثير فيها، سنراه مجسدًا بشخص الرئيس محمود عباس قائدًا سياسيًا متحررًا من فكرة تكوين زعامة شعبوية ترضي رغباته الذاتية، ومترفعًا عن أساليب الشخصية السياسية (الكلمنجية)، والمستثمرة في خطابات الزبد الفقاعية، ستراه متسلحًا بالحق، وبإيمان الشعب بهذا الحق، وبقدرة الشعب على انتزاعه، متسلحًا بقوة مستديمة متطورة، لا قدرة للقوى المعادية للشعب المتسلحة بالقوة المادية كالمال والأسلحة الفتاكة والمدمرة على تدمير هذا الحق، ذلك أن جذور الحق التاريخية الثقافية، والوجود الإنساني على الأرض بكل ما تعنيه الإنسانية كالحرية والتحرر والحقوق، والمعرفة المساهمة في بناء الصرح الحضاري، وملامسة هذا الحق لآفاق المستقبل بثقة وجدارة، وتأسيس متطلبات الوصول إليه بالتدرج، وعبر مراحل بناء الإنسان، الذي سيتمكن من الحفاظ على الإنجازات وتطويرها مع ضمان الارتباط بالجذور التي ستستعيد دورة حياتها من جديد.

عندما يكون المرء قائدًا سياسيًا نبيلًا اؤتمن على حق تاريخي طبيعي غير قابل للتزوير أو التزييف، ويدرك جيدا أن إرادة الشعب بمثابة أسلحة رادعة في مفهوم الصراع الميداني، وأن قرارات المؤسسة الرسمية الشرعية التي تمثل هذه الإرادة هي بمثابة أوراق قوة حاسمة وأسلحة استراتيجية، في مفهوم الصراع السياسي اللاعنفي مع قوى الباطل الكبرى، فهذا القائد السياسي النبيل لا يُسْتَدرَج تحت وطأة (الخطاب الانفعالي) ولا يفرط بأسلحته، ولا يرميها مرة واحدة، لأن أي نتائج معاكسة لطموحات وآمال وأهداف الشعب، أو سلبية لا قدرة للشعب على تحملها، ستعني مكسبًا إن لم يكن انتصارًا للعدو أي (الطرف الآخر في الصراع) وإضرارًا بالغًا بعزيمة وكرامة وإرادة الشعب، وهذا خروج فظيع على مهمات وصلاحيات القائد السياسي، وفعل يرقى إلى مستوى (جريمة) بحق الشعب.. ونعتقد أن قائدًا سياسيًا نبيلًا لا يقبل مكسب التمجيد والتهليل والتعظيم، مقابل إضعاف مقومات إرادة الشعب، وتجميد الدماء في عروق نسائه ورجاله وشبابه وأطفاله، وإهالة اليأس والإحباط على رؤوس أفراده، فالمتلهف على صنع هالة قيادية لشخصه، أو لجماعته، هو الذي يتخذ الشعب كمخلوقات لتجاربه اللاأخلاقية أصلًا.


اقرأ\ي أيضاً| موقع تحريضي اسرائيلي : الرئيس عباس مصمم على منح الأموال للأسرى وعائلات الشهداء


القائد السياسي النبيل ونموذجنا الفلسطيني أبو مازن، اختار الدائرة الصريحة، رغم مصاعبها وأهوالها ومخاطرها، يتألم لأن أصحاب حملات الإشاعة والتشكيك والتخوين والتكفير والدعاية المضادة اختاروا المكوث والتموقع في الدائرة المريحة، وركزوا قصفهم المسموم على الدائرة الصريحة والعاملين في 360 زاوية، غير مبالين بالانعكاسات السلبية على الشعب وإرادته، بسبب ضعف نظرهم، وقصور رؤاهم، والخلل الرهيب في معاييرهم… ورغم ذلك يمضي- والأمانة التي تنوء الجبال من ثقلها – في عنقه، فيبرهن على أن ثبات القيادة على مواقفها، المستمدة من صمود الشعب وإرادته لقادرة على اختراق الدوائر الضاغطة وتفكيك حصارها، والتأثير فيها أيضًا، ولكن ليس بين ليلة وضحاها، وإنما بعمل سياسي قانوني وأدبي أخلاقي مقنع درة التاج فيه وطنية خالصة صادقة، صاغها القائد السياسي النبيل بإتقان لتشع على العالم إرادة شعب لا ينكسر، يمثله رئيس مناضل وطني عصيّ على الانكسار أيضا حتى لو كان الخصم هو القوة العظمى في العالم.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى