مقالات

عرّوا جهل أدعياء الثقافة

عرّوا جهل أدعياء الثقافة

شعاع نيوز – الكاتب: عمر الغول – الجهل والأميّة لا تطلق على من لا يعرف القراءة والكتابة دائما، فهناك أناس يقرأون ويكتبون، ولكنهم يجهلون ما لا يعرفون. وهنا عادة يعترف الانسان بعدم التحدث أو الإجابة على سؤال، او التعليق على موقف لم يسمع به، أو لم يطلع عليه، ويجهل خلفياته. ومثل هذا الموقف يعظم دور المرء، ولا ينتقص منه. ولكن الفضيحة والمصيبة تكون اكبر وبشعة ومزرية عندما يقوم إنسان او مجموعة من بني الانسان بالحكم على موقف ما لانسان آخر، او قرار لمؤسسة ما دون معرفة خلفيات الموقف أو القرار أو السياسة المتبناة، والعار الأكبر حين يتبنى نفر من البشر موقفا تساوقيا مع جهة سياسية أو ثقافية أو اقتصادية أو امنية لخدمة اغراضها، ومقابل رشوة، أو الحصول على الرضا، وهنا يكون الجهل والجريمة قد تجاوزا كل معايير الامية والتخلف المعروف بين بني الانسان.

والبيان الذي أصدرته مجموعة ممن يدعون انهم مثقفون واكاديميون وكتاب فلسطينيون اول امس الاثنين الموافق 11 أيلول / سبتمبر الحالي (2023) ضد ما تضمنه خطاب الرئيس محمود عباس امام الدورة ال(11) للمجلس الثوري لحركة فتح مساء يوم الخميس الموافق 24 آب/ أغسطس الماضي، الذي أكد فيه، على ان اليهود الصهاينة الموجودين في إسرائيل، لا يمتون بصلة للسامية. لأنهم يهود من قبيلة الخزر ذات الأصول التركية، والتي تهودت حديثا في القرن الثامن الميلادي، وهي قبيلة طارئة وحديثة الانتماء للديانة اليهودية؛ ثانيا الاختلاف في عدد اليهود، الذين قامت النازية الهتلرية بحرقهم، حيث اكد العشرات من الكتاب اليهود من قوميات مختلفة، ان عدد اليهود الذين أُحرقوا في أفران النازية لا يتجاوز الـ800 الف يهودي، وهناك بعض الكتاب يستخدم ارقاما أعلى أو أقل. لكن لم يصل الرقم الى ستة ملايين يهودي. وهذا لا يحمل انكارا للمحرقة، ولا تواطؤًا مع النازية، او صمتا على جريمتها ونازيتها، وانما هناك رفض كامل وعميق للمحرقة بغض النظر عن عدد الضحايا اليهود من اتباع القوميات الألمانية والبولندية والأوروبية الأخرى؛ المحرقة لا تعود نهائيا لانتمائهم وتبعيتهم للديانة اليهودية، وانما لانتهاج قطاع من اتباع الديانة اليهودية سياسة الربا والسمسرة والتجارة بأرزاق الناس في الدول الأوروبية المختلفة. لان الديانة اليهودية تعتبر ديانة سماوية، لا احد يتنكر لها، أو يعادي أتباعها، لا بالعكس، فإن اتباع الديانة المسيحية، يصفون انفسهم وانجيلهم بـ”العهد الجديد”، أي باعتباره استمرارا للعهد القديم، للديانة اليهودية، وبتعبير أكثر دقة، ان المسيحية بحد ذاتها تعتبر ثورة الإصلاح والتجديد للديانة اليهودية. كما أن اتباع الديانة الإسلامية لا يعادون اتباع الديانتين السماويتين، بل إن القرآن الكريم يعترف ويقر بهما، ويدعو أتباعها بالمؤمنين والمسلمين أيضا.

لكن تلك الثلة المارقة والامية من ادعياء الثقافة والاكاديميا، والكتّاب الذين يستظلون بظلال الغرب الانكلوساكسوني والفرانكوفوني، وينهلون من ثقافة الغرب الاستعماري المشوه والمزور للتاريخ والحقائق الانسانية، صاحب اكبر وابشع محرقة ومجزرة في التاريخ الحديث المتمثلة بإقامة دولة إسرائيل اللقيطة والوظيفية لخدمة مشروعه الرأسمالي الاستعماري والديني في آن على انقاض نكبة الشعب العربي الفلسطيني عام 1948، وما زال هذا الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وعضوية دول أوروبا الشرقية والغربية وامتدادتها يروج لأكاذيب الحركة الصهيونية وشعاراتها وروايتها واساطيرها المزورة بما فيها كذبة “معاداة السامية”، وتبني مقولة ان “اليهود في إسرائيل، هم من اتباع العرق السامي.” وهذا كذب وعار على الحقيقة والمنطق. لأن اليهود الاشكناز الذين بنوا إسرائيل بتعليمات ودعم واسناد وتسليح الغرب الرأسمالي، هم يهود الخزر، ولا علاقة لهم بالاسباط الاثني عشر.


اقرأ| أيضاً| “بيان العار” يتساوق مع الرواية الصهيونيّة ومضمونه متوافق مع الحملة الإسرائيلية ضد خطاب الرئيس “تقرير”


وكتب عنهم العديد من الكتاب اليهود من قوميات مختلفة، منهم آرثر كستلر صاحب كتاب “القبيلة الـ13” وشلومو ساند صاحب كتاب “لا وجود للشعب اليهودي” وغيرهما لا تحضرني أسماؤهم في هذه العجالة. وبالتالي اتهام ادعياء الثقافة والاكاديميا الرئيس محمود عباس بما ليس فيه، وتطاولهم على حقائق التاريخ يعكس جهلهم واميتهم وفقر حالهم الفكري والسياسي والتاريخي، وابتذالهم ورخص آدميتهم، وبيع انفسهم في سوق النخاسة والارتزاق لأجهزة الامن الإسرائيلية والغربية الأميركية والاوروبية، وعارهم المخزي والبشع، وانكشاف قناعهم الزائف، وثقافتهم الضحلة والآسنة والمأجورة.

واخلص الى استنتاج قديم جديد، ليس كل من ادعى الثقافة، هو مثقف. وليس كل من افترض نفسه اكاديميا يفقه في الثقافة والمعرفة، وليس كل كاتب، هو كاتب مبدع، ومنتج للمعرفة. بل قد يكون كاتبا مأجورا، او متهافتا ولصا من لصوص الثقافة، وينضح من وعاء الثقافة الصفراء والظلامية.

والنتيجة الاهم، على كل كاتب ومثقف واكاديمي وسياسي وطني وقومي وديمقراطي، ألا يخشى بلطجة إسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا، وعليهم جميعا الدفاع عن حقائق التاريخ دون وجل او تردد وبالوقائع الدامغة والاسانيد العلمية، ولا يجوز التردد في الدفاع عن الحقيقة، وفضح طبيعة إسرائيل الخزرية اللاسامية. ويرفضون سياسة تكميم الافواه، ويتصدون لعملية التجهيل المقصودة. لان الغرب الامبريالي يدافع بدفاعه عن إسرائيل، عن ذاته، عن جريمة العصر التي ارتكبها ضد العرب عموما والشعب االفلسطيني خصوصا.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى