مقالات

قراءة في العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – إذا أردنا أن نسمي الأشياء بأسمائها، فإن ما جرى ويجري في الأيام الأخيرة هو عدوان إسرائيلي وحشي دموي مبيت على قطاع غزة، بدأ باغتيال ثلاثة من قادة حركة الجهاد الإسلامي العسكريين، وواصلت إسرائيل الاغتيالات خلال العدوان ومن بين من اغتالتهم قائد وحدة الصواريخ الشهيد أحمد أبو دقة، وفي سياق تسمية الأشياء بأسمائها، فإن هذا العدوان لا يمكن فصله عن العدوان الأوسع والأكبر الذي تشنه إسرائيل على الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس الشرقية المحتلة منذ نيسان/ ابريل من العام الماضي، الذي يهدف إلى إنهاك المجتمع الفلسطيني، وفي وقت يتوسع فيه الاستيطان الاستعماري، ومحاولات فرض واقع جديد في القدس لتكريس حقيقة تقسيم المسجد الأقصى مكانيا وزمانيا.

ولكن ما يلحظ في هذا العدوان، ويؤسف له، هو سهولة وصول إسرائيل إلى هؤلاء القادة واغتيالهم في بيوتهم، وخصوصا أنهم قادة عسكريون مطلوبة رؤوسهم، كان عليهم الحذر أكثر والتحرك بسرية تامة والمؤسف بالأمر أنه تكرر في كل الحالات، وتنجح إسرائيل بالوصول إليهم بنفس الطريقة ويستطيع نتنياهو أن يسجل نقاطا لصالحه وصالح إسرائيل بسهولة.

ربما هناك حاجة ليس للجهاد الاسلامي وحسب، بل لكل القوى والفصائل الفلسطينية التي لا تعطي الجانب الأمني حقه، واستخدام وسائل التواصل العادية المخترقة من قبل إسرائيل وتبادل كل المعلومات دون أخذ الاحتياطات الضرورية، وعلى ما يبدو أنه أصبح هناك نوع من الارتخاء نبع من الاعتقاد الخاطئ بأن قطاع غزة منطقة محررة يمكن التحرك فيها بحرية أكثر.

أما الملاحظة الأكثر سخونة هي عدم مشاركة حماس في الدفاع عن قطاع غزة التي تسيطر هي عليه بالقوة، وهي المرة الثالثة التي تقرر فيها حماس أن تأخذ فيها موقف المتفرج، فقد التزمت في آب/ أغسطس الماضي الصمت خلال المعركة التي دارت بين الجهاد الإسلامي وإسرائيل، وهو الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات، ولا يمكن الجزم إن كان هذا جزءا من تكتيك أو أن حماس قد تكون عقدت صفقة مع إسرائيل بوساطة إقليمية وتعهدات لجهات دولية بعدم الدخول بأي مواجهة مع إسرائيل من قطاع غزة، أو أنها قررت انتهاج هكذا سياسة بنصائح من بعض الحلفاء الاقليميين بهدف تقديم نفسها لإسرائيل وواشنطن كطرف مصدر ثقة يمكن الاعتماد عليه ويحترم تعهداته.

وفي الجانب السياسي، كان هناك غياب في ربط العمل المقاوم بأهداف سياسية وطنية، ففي كل الاعتداءات التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة منذ أن سيطرت حماس هناك، عام 2007 لم تحاول هذه الفصائل ربط اتفاقيات التهدئة بأي هدف أو اشتراطات وطنية عامة تتعلق بالقدس أو المسجد الأقصى او الاستيطان، حتى ولو على سبيل إشعار العدو أنه لا يمكن القبول بأن يكون ثمن التضحيات مجرد تسهيلات لهذا الفصيل أو ذاك أو لضمان وصول الأموال. لم نسمع لمرة واحدة أن طرحت حماس شرطا لوقف إطلاق النار وربطه على سبيل المثال بوقف اقتحامات المستوطنين للأقصى وهذا قد يكون أضعف الايمان.

لقد دفعت القضية الفلسطينية ثمنا باهظا جراء الانقسامات قبل النكبة وبعدها، وربما لم تكن النكبة بهذا الشكل المفجع والمأساوي لو كان الشعب الفلسطيني موحدا بشكل جيد ويمتلك إستراتيجية سياسية واحدة متفقا عليها، فالوحدة اليوم مطلوبة أكثر من أي وقت مضى فلا طرف فلسطينيا يمكنه تحقيق الأهداف الوطنية منفردا.


اقرأ\ي أيضاً| اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة يدخل حيز التنفيذ

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى