مقالات

الفاشيون دنسوا الديمقراطية

الفاشيون دنسوا الديمقراطية

شعاع نيوز – الكاتب: عمر الغول – بعد معركة الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الرئيس اليساري، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا على خصمه اليميني المتطرف، جايير بولسونارو بفارق ضئيل في الجولة الثانية نهاية تشرين الأول/ أكتوبر 2022، عادت البرازيل لواجهة الأحداث العالمية بعد جريمة وحشية ارتكبها الفاشيون من أنصار الرئيس المهزوم يوم الأحد الماضي الموافق الثامن من كانون الثاني/ يناير الحالي عنوانها اقتحام المؤسسات السيادية الرئاسية والحكومية والتشريعية والقضائية، وبعد أسبوع واحد من تولي الرئيس دا سيلفا، حيث اقتحم الآلاف من أنصار بولسونارو مقرات السلطات الرئيسية في برازيليا: مبنى الكونغرس، وقصر بلانالتو الرئاسي، والمحكمة العليا، ما أثار حالة من الفوضى والفزع في أوساط الشارع البرازيلي عموما، والعاصمة برازيليا خصوصا، وفقا للمشاهد التي نقلتها فضائية “غلوبو”، وعلى إثر ذلك اتهمت المحكمة العليا البرازيلية حاكم برازيليا بارتكاب أخطاء ساهمت في اندفاع وتمادي الفاشيين بارتكاب جريمتهم الهمجية، ونتاج ذلك، قررت تجميد مهامه لثلاثة أشهر.

وذريعة اللصوص المجرمين العنصريين والمتعصبين لتبرير مخططهم الوحشي، أن الانتخابات الرئاسية “مزورة”، وأن المنتصر بالانتخابات، هو الرئيس المهزوم جايير بولسونارو، الذي غادر البلاد فور إعلان النتائج إلى ولاية فلوريدا الأميركية حيث يقيم حليفه الأفنجليكاني ترامب، وقاموا بعمليات تخريب لمقر الرئاسة عموما ومكتب الرئيس الديمقراطي خصوصا، ومكاتب النواب في الكونغرس ومجلس الشيوخ، وأيضا في مكاتب القضاة في المحكمة العليا، وصعدوا لسطح مبنى الكونغرس للتمركز عليه، قبل أن تتم السيطرة عليهم وإنزالهم مكبلين بالأصفاد، وتمت هزيمة مشروعهم التخريبي.

ومع عودة الرئيس الديمقراطي للعاصمة من جولته من ولاية سان باولو، تفقد القصر الرئاسي والمحكمة العليا، وأكد دا سيلفا، أن الرئيس السابق بولسونارو، هو من شجع ومهد الطريق للعصابات الفاشية من أنصاره لاقتحام مراكز القرارات السيادية الثلاثة الرئاسية والتشريعية والقضائية، وهدف من ذلك، لدفع البلاد نحو الفوضى العارمة، وإشعال فتيل نيران الحرب الأهلية، وخلط الأوراق، وقطع الطريق على العملية الديمقراطية والانتقال السلمي للسلطة، لابن الشعب البار دا سيلفا، وعودته للحكم. وهي المرة الثالثة التي يتولى فيها دا سيلفا الرئاسة في البلاد نتاج ثقة الشعب بشخصه وتوجهاته الديمقراطية، رغم مؤامرة أنصار اليمين الفاشي البرازيلي.

وما أشبه اليوم بالبارحة، من منا لا يتذكر جريمة اقتحام مبني الكابيتول في واشنطن العاصمة الأميركية في السادس من كانون 2 / يناير 2021 من قبل العصابات اليمينية المتطرفة من أنصار الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الذي ادعى زورا وبهتانا أن الانتخابات الأميركية “مزورة”، وبناء عليه كاد يرفض تسليم السلطة للرئيس جو بايدن، لولا ضغط الشارع الأميركي وأعضاء المجلسين بالإضافة لنائبه، مايك بنس، الذي رفض منطق رجل العقارات الأفنجليكاني، الذي استمرأ كرسي الحكم. ومن راقب المشهد في برازيليا، وعاد بذاكرته القريبة لمشهد اقتحام مجلس النواب الأميركي، لأمكنه ملاحظة ذات السيناريو، وحتى في بعض تفاصيله الصغيرة.


اقرأ|ي أيضاً| أحداث البرازيل تفرض حلفا دوليا مناهضا للفاشية


طبعا الرئيس جايير بولسونارو نفى أن يكون وراء الجريمة، بيد أن من يعد لخطاباته بعد الهزيمة وأثناء الحملة الانتخابية يدرك، أن الرئيس اليميني المتطرف، هو ومن يقف معه وخلفه من قوى الغرب الرأسمالي وخاصة الإدارة الأميركية، هم وحدهم من هيأ ونظم وشجع عملية الاقتحام الهمجية للمباني السيادية الثلاثة، وليس أحد غيرهم.

لكن إرادة الشعب البرازيلي الحرة، والقوى المؤمنة بالخيار الديمقراطي، والمدافعة عن السلم الأهلي، وعن تطور وتنمية البرازيل، وخدمة مصالح الشعب عموما، والفقراء والكادحين خصوصا، هم مع قوى الأمن الفيدرالي حالت دون نجاح المخطط المشبوه والإجرامي، وتمت استعادة زمام الأمور في صباح يوم أمس الإثنين أمس، وتم اعتقال أكثر من 150 متورطا بالأحداث المفجعة، وتوعد الرئيس الديمقراطي بالقصاص من كل المتورطين بإثارة الفوضى والفلتان الأمني في العاصمة البرازيلية.

ومن الواضح أن بعض ردود الفعل الغربية وخاصة الأميركية، التي أدانت العملية الإجرامية في برازيليا، لم تكن دقيقة، لأن من يقف خلف تلك الجريمة يقبع في إحدى الولايات الأميركية، ولديها (الإدارة) الإمكانات لتأمين الوثائق المؤكدة على أن حليفهم بولسونارو هو ورئيسهم السابق ترامب وأقطاب الدولة العميقة في واشنطن، هم من مول وخطط ووقف خلف تلك العصابات الإجرامية الفاشية. وأعتقد أن يقظة الشعب البرازيلي ونخبه الديمقراطية وقواه الحية ستفشل أية محاولات لاحقة، كما أفشلت المخطط الإجرامي يوم الأحد الماضي.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى